للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الابتلاء بالتعلق بالأشخاص وعلاج ذلك]

السؤال

إنني شاب مبتلى بحب شاب، وشغفت بحبه حتى والله أنني تركت بعض النوافل، بل ذهب عني الخشوع في الصلاة، وبدأت أتكاسل وأفكر فيه في كل أوقاتي، فأرجو إرشادي لعل الله أن يبعد عني هذا الحب، وأرجو الدعاء لي لعل الله أن يستجيب في هذا المكان، وجزاك الله خيراً؟

الجواب

أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك، أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك، أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك أخي الحبيب! إياك والتمادي في أسباب العشق والتعلق خاصة بالأحداث

فما في الأرض أشقى من محبٍ وإن وجد الهوى حلو المذاق

تراه باكياً في كل وقتٍ مخافة فرقةٍ أو لاشتياق

فيبكي إن نأوا شوقاً إليهم ويبكي إن دنوا حذر الفراق

وكم أفسد هذا الداء الخسيس! نسأل الله أن يعافينا وإياكم، نسأل الله ألا يبتلينا في أنفسنا، والمعافى من عافاه الله، والمسَلَّم من سلمه الله.

أقول: إن هذا قد أنزل رجالاً من مستعصمهم إلى مهاوي الرذيلة والمواقع الآثمة، ثم عجبت أن يهوى شاب شاباً أو رجل رجلاً، سبحان الله العلي العظيم! أما تعلم أن في أنفه المخاط؟ أما تعلم أن في عينيه القذى؟ أما تعلم أن في جوفه الخراءة والعذرة والبول؟ أما تعلم أن في مغابنه وبراجمه العرق؟ أما تعلم أن في فمه البخر؟ أما تعلم أنه قطعة تجيف وينتن ريحها إذا تركت لولا أن الله سترها بالدفن لو ماتت؟ أما تعلم أنه لو مات ما أطاقه أهله وأحبابه وأقاربه؟ أما تعلم أن ما تفعل جزاؤه خسف ومسخ؟ أما تعلم أن جزاء من فعل هذا وتمادى فيه أن يصعد به أعلى شاهق ويرمى من أعلاه عقوبةً له على خسة طبعة ودناءة نفسه؟ وعلاجه الإعراض والبعد، ابتعد، يوجد مكان أنت مبتلى فيه ببلاء فابتعد عنه.

فخاتمة المطاف في هذا السؤال نقول لصاحبنا: إن من الأدوية الناجعة المفيدة لمن ابتلي بمثل هذا الداء الخبيث -والعياذ بالله- أن يبتعد عن الموقع الذي فيه هذه الفتنة وهذه البلية، فلعل العين إذا غابت بنظرها اشتغل القلب بشغل أجل وأهم، أخي! سبحان الله العلي العظيم! أسأل الله ألا يبتلينا في أنفسنا، أسأل الله أن يعافيك وألا يبتلينا.

يا إخواني! تصوروا لو أن واحداً أبوه ميت أو أمه متوفاة، فجاءه واحد صديق وقال له: بياراتنا غير صالحة أصلحها لنا، يا أخي! نحن في بيارات أم في حالة موت حبيب وعزيز وغالٍ؟! لا يمكن أن تأتي بالهم عند الهم هذا إطلاقاً، فكذلك أين الهم في هداية المسلمين ودعوتهم؟ وأين الهم في إصلاح المجتمع؟ وأين الهم في الأمر بالمعروف؟ وأين الهم في الجنة والفردوس الأعلى؟ وأين الهم في رؤية الله عز وجل والنظر إلى وجهه الكريم؟ {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} [القيامة:٢٢ - ٢٣] وأين الهم في رؤية النبي صلى الله عليه وسلم؟ أنت تعلم أن همك في مثل هذا الشذوذ وهذا البلاء يحرمك ويرديك وينكسك ويحرمك أموراً عظيمة وجليلة، فهل تضيع هم جلال الله والنظر إلى وجهه الكريم، وحب المصطفى صلى الله عليه وسلم ولقاءه، ومقابلة الأخيار، والجنة والنعيم والحور والرضا، رضي الله عنهم ورضوا عنه، تضيعه كله لأجل هذا الأمر الذي تدعيه أو تذكر أنك متعلق به؟!! أنا لا أقول هذا ساخراً ولا مستهزئاً، فلا تهزأ بأخيك يعافيه الله ويبتليك، لكن أقول: اجعل في النفس هماً عظيماً، ثم ستجد أنك تضحك على نفسك وتقول: كيف أهتم بأمر كهذا

وإذا كانت النفوس كباراً تعبت في مرادها الأجسام