للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[اللعب بالطلاق أمر مذموم]

معاشر المؤمنين: إن شأن الزواج عظيم وكبير، ولأجل ذلك سماه الله جل وعلا في كتابه ميثاقاً غليظاً، فقال سبحانه: {وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَاراً فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئاً أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً * وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقاً غَلِيظاً} [النساء:٢٠ - ٢١]، سمي في القرآن ميثاقاً غليظاً، مع أن الزواج عقدٌ وهو إيجاب وقبول إن المرأة يجوز لها أن تمارس عقد البيع وهو إيجاب وقبول إن المرأة يجوز لها أن تمارس عقد الإجارة إن المرأة يجوز لها أن تمارس عقد السلم والمساقاة والمزارعة، وغيرها من عقود المعاوضات المالية، أما الزواج وهو إيجاب وقبول فلم يسند هذا العقد إليها، بل أسند إلى وليها، فقال صلى الله عليه وسلم: (أيما امرأة أنكحت نفسها بغير إذن وليها فنكاحها باطل باطل باطل)، النكاح بغير الولي باطل، وإنما أسند هذا العقد إلى الأولياء بحضور الشهود كما قال صلى الله عليه وسلم: (لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل) مع أنه عقد ولكنه عقد غليظ، إنه ميثاقٌ غليظ، فلا تتهاونوا بهذا.

إن من الناس من إذا تيسر له النكاح بمهر يسير وبدون كلفة ومشقة هان عليه أن يلعب بهذا النكاح، فلا يحلف إلا بالطلاق، ولا يدعوا الضيوف إلا بالطلاق، ولا يأمر إلا بالطلاق، ولا ينهى إلا بالطلاق، ولا يمزح إلا بالطلاق، وهذا من العبث بهذا الميثاق الغليظ، أو لما أنعم الله عليك بزوجة صالحة على مهر يسير انقلبت عابثاً بهذا الميثاق الغليظ والعقد العظيم تعبث به بكل قسمٍ ودعوةٍ وحثٍ ومنع؟! لا يا عبد الله! اعلم أنك آثمٌ إن عبثت بهذا، ولا يجوز لك، واتقِ الله في هذه المرأة يوم أن دخلت عليك بيسر، فليست سيارةً تجرب اثنتين أو ثلاثاً أو أربعاً، وليست بهيمةً تبيعها أنت ويشتريها غيرك ولا يضيرها أن تعيش في حظيرة أو أخرى، إنها امرأة إنها مشاعر إنها نفس إنها فكر إنها قدرة إنها طموح إنها آمال وآلام إنها مسكينة إنها أسيرة عندك، فاتقوا الله في النساء {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً} [النساء:١٩] قال صلى الله عليه وسلم: (لا يفرك -أي: لا يبغض ويكره- مؤمنٌ مؤمنةً، إن كره منها خلقاً رضي منها آخر).