للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الاحتساب على الأولاد]

وتأملوا قول النبي صلى الله عليه وسلم: (مروا أولادكم بالصلاة لسبعٍ، واضربوهم عليها لعشرٍ، وفرقوا بينهم في المضاجع) وهذا أمرٌ في غاية الأهمية أيها الأحبة.

إن من واجبنا أن نأمر بالمعروف وأن ننهى عن المنكر ليس الذي قد بلغ وناهز الاحتلام أو تجاوز هذه المرحلة، بل ينبغي أن نأمر الصغير الذي لا يزال يتعلم بدقة الأحرف والكلمات، نعلمه كيف يكون لسانه رطباً بذكر الله عز وجل، نعلمه كيف يبدأ يومه بذكر الله سبحانه وتعالى، إذا رأى هذا الطفل الذي لم يفقه بعد سبب حبنا لشيء، أو سبب بغضنا لشيء، أو سبب قربنا لشيء، أو سبب بعدنا عن شيء، إذا رأى هذا الطفل منا نفرة عن المنكرات، فإنه ينفر منها جبلة قبل أن يعرف أحكامها وعللها ومناطها، وإذا رآنا نحب أموراً من طاعة الله، فإنه ينشأ ويتعلم حبها والتعلق بها قبل أن يعرف العلة في ذلك وتعلق المناط به، وهذا غاية الأمر:

وينشأ ناشئ الفتيان منا على ما كان عوده أبوه

نعم أيها الأحبة: إن من أهم الأمور التي ينبغي أن نعلم الصغار عليها مسألة الصلاة، لأنها سترتبط بهم في حياتهم إلى أن يموتوا، سترتبط بهم في حلهم وترحالهم، في ظعنهم -في سفرهم- وإقامتهم، بل وسترتبط بهم في حال الأمن والخوف، بل وترتبط بهم في كل أحوالهم في الصحة والسقم إن قياماً أو على جنوبهم أو على مضاجعهم أو على جميع أحوالهم (مروا أولادكم بالصلاة لسبعٍ، واضربوهم عليها لعشر) ودل ذلك على أن الصغير إذا رئي منه عنادٌ أو التفاتٌ أو عدم اهتمام بمسألة الصلاة وقد بلغ العاشرة أو أدركها، فينبغي أن تزاد له الجرعة في الأمر والنهي ولو تعلق الأمر بشيء من الترغيب والترهيب، أو بشيء من العقوبة اللينة التي لا تجعله يكره ويمقت ويحقد، بل تجعله يهاب ويخشى ويرغب ويتعلم بإذن الله عز وجل.

ثم قال صلى الله عليه وسلم: (وفرقوا بينهم في المضاجع) وتلك والله من الأمور المهمة، وإن كنا نرى اليوم أن أذناب الغرب، والذين انصهروا وذابوا في بوتقة رياح التغريب الوافدة من الحظيرة الغربية ولم يبالوا بها؛ بهذه القضية يدفعون الثمن غالياً، إن أناساً يصيحون ويقولون بأعلى أصواتهم: أطفال مساكين لماذا نفرق بينهم في المضاجع؟ طفل عمره عشر سنوات أو تسع سنوات، أو حول هذا السن، لا يفقه لا يعرف القضايا الجنسية لا يعرف الأمور الجنسية لا يعرف معاني التذكير أو التأنيث لا يعرف الذكورة أو الأنوثة! لماذا نسيء بهم الظن؟ تأمرونا أن نفرق بنيهم؟! نعم؛ لأن الذي خلق هو الذي أدرى، والذي خلق هو الذي شرع: {أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} [الملك:١٤] فرقوا بينهم في المضاجع وإلا فإن العاقبة ما وقع لكثيرٍ من الذين أهملوا هذه القضية، ولم يلبثوا إلا وقد رأوا نذر الشر والبلاء والفاحشة والعار قد ظهرت على أولادهم وبناتهم، لأنهم استخفوا بأمر النبي صلى الله عليه وسلم.