للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[خطر الهاتف على المرأة المسلمة]

وأما الخطر الآخر فهو خطر الهاتف وما فيه من شر كامل، نعم الهاتف من المخترعات المفيدة، يوفر الأوقات، ويقصر المسافات، ويصلك بجميع الجهات، وربما استخدم في الأعمال الصالحات، ولكن بعض الناس -هداهم الله- استخدمه في أنواع من الشر عديدة، وكم كان ذاك الهاتف سبباً في تدمير بيوت بأسرها، وإدخال الشقاء والتعاسة على ساكنيها، وربما جرهم ليمتهنوا الرذيلة ويحترفوها، لقد سمعت بأذني قصص كثير من الفتيات وهي تتصل مستنجدة، وتتكلم مستغيثة تريد من يخرجها من مأزق وقعت فيه، فالعشيق المزعوم يهددها بالصوت والصورة، والزوج المتربص ربما لا يغفر خطيئتها، وربما كانت نهاية المسألة فضيحة لا يسترها إلا التراب، وسببها أن الأذن أدمنت السماع، واللسان أدمن الكلام، وتعود الرجل أو المرأة ضياع الوقت عبر هذا الجهاز فيما لا ينفع ولا يجدي كم ضيع فيه من الأوقات بمحادثات تافهة سببت للقلوب قسوة، وألهت عن ذكر الله، خاصة بين النساء، وكم من رجل دخل بيته، وقد ودع زوجته الصباح راضية مرضية، فآب إليها، فوجدها منقلبة ساخطة وهو يعلم أن لم يدخل عليها مع الباب أحد، لكن دخل عليها ذلك الثقيل بغير استئذان صوت عبر السماعة من صديقة أو قريبة أطالت معها الحديث فقالت لها: يا حبيسة الدار! يا مهيضة الجناح! يا مسكينة الجانب! كيف أنت في هذا وغيرك أعلى منك في نفقة ومركب، وكسوة وملهى، وذهاب وإياب، يعود الرجل فيجد امرأته قد تغيرت، وعن حالها تقلبت، بسبب الإسراف ومزيد من القول عبر هذا الجهاز.

إنا لا نقول أن استعمال الهاتف حرام، ولا نقول أخرجوه لعدم الفائدة منه، بل فيه من الفوائد ما ذكرنا، ولكن من المصائب التي عمت عند كثير من الناس، وعند النساء خاصة الإسراف في القول، وإضاعة الوقت، وإطالة الحديث عبر هذا: (وإن من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه) وإذا طال الكلام خرج عن المباح إلى المكروه، ثم من المكروه إلى الحرام، ولن يكون من الحرام صلاح للبيوت، بل فيه فسادها وإفسادها.

وكم من امرأة أو كم من فتاة كانت حصاناً رزاناً عفيفة كريمة جرأت عبر هذا، فخرجت لتقع فريسة للذئاب والمفسدين، وخذوا هذه القصة الواقعية، وهي واحدة من عشرات القصص إن لم تكن المئات، هذه القصة تقول: كانت البداية مكالمة هاتفية عفوية، ثم تطورت إلى قصة حب وهمية أوهمها أنه يحبها، أنه ميت دنف هلك في غرامها، وسيتقدم لخطبتها لكنه يطلب رؤيتها، فرفضت فهددها بهجر أو بقطع علاقة فضعفت، فأرسلت له صورة مع رسالة وردية معطرة، فتوالت الرسائل، ثم طلب منها أن تخرج معه، لكنها هذه المرة رفضت بشدة فهددها بتلك الصورة وبالرسائل المعطرة، وبالصوت المسجل عبر الهاتف، فخرجت معه على وعد أن تعود في أسرع وقت وأقرب فرصة، لكنها عادت وقد كُسر حياؤها، وانتهكت عفتها، وتجرأ على صلاحها، فقالت له بعد ذلك: لا بد من ردم الأمر وستره بالزواج حتى لا تكون الفضيحة، فقال لها بكل احتقار وسخرية: إني لا أتزوج فاجرة، كيف العلاج؟ وكيف السبيل إلى حل يجعل هذه البيوت تستيقظ من الشر الذي أحاط بها؟ إن من الفتيات من تصبح على الأغنية، وتضحي على الشاشة، وظهيرتها على الهاتف، وعصرها في السوق، ومساؤها في المناسبة، فقولوا يا عباد الله: متى تعود إلى الله أو ترعوي عن غيها وضلالها؟!!