للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[قبول الحق ولو على النفس]

أيها الأحبة! كثيرٌ من الناس ومنهم كبار السن على الأخص، ظن أن كبر سنه مسوغٌ له أن يتكلم في رد حقٍ أو قبول باطلٍ أو مكروه، وبعضهم إذا أُمر بمعروف أو نهي عن منكر قال لمن نصحه أو عامله: اسكت أنا أكبر منك وأنا أعلم منك، وليس في الحق كبيرٌ وصغير، إنما الكبر في قوة العلم بالدليل وخشية الله: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} [فاطر:٢٨] أيها الكبير في السن: {وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً} [الإسراء:٣٦] {وَلا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ} [النحل:١١٦] نعم.

بعض كبار السن إذا أمر أو نهي قال حدثنا من قبلنا، وأخبرنا من أدركناهم ونقلنا عمن عرفناهم فنقول له: إن كنت نقلت عن علماء أجلاء (فأنعم وحيهلا) وإذا كنت تنقل عن كبار سنٍ، أو آخرين ممن سبقوك إلى المقابر لم يعرفوا بعلمٍ ولا هدى ولا دليل، فليس في قولهم حجة، وليس في كلامهم محجة، بل الحجة فيما قاله الله وقاله رسوله صلى الله عليه وسلم، وأفتى به عالمٌ جليلٌ يُطمأن إلى علمه وخشيته وتقواه، وهذه مسألة عظيمة لكبار السن ولصغارهم، أن يقبلوا الحق ولو على أنفسهم، وأن يقبلوا الحق ممن جاء به ولو كان الذي جاء به صغيراً أو أقل علما:

تعلم فليس المرء يولد عالماً وليس أخو علمٍ كمن هو جاهلُ

رب كبير القوم لا علم عنده صغيرٌ إذا التفت عليه المحافل

فبعض كبار السن قد ينفر من الحق ويرده إذا جاء به ولدٌ أو صغيرٌ أو قريبٌ ممن يراه ليس حقيقاً أن يحمل هذا، ولكن الحقيقة أن من حمل كلام الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم فهو شريفٌ بذلك، يعظم شأنه وقدره بمقدار ما حمل من كلام الله وكلام رسوله، ويا أيها الذي شاب {إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [النور:٥١].