للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[كن قدوة لغيرك]

أيها الشيخ المبارك: يا من شبت في الإسلام! أنت القدوة لأولادك ولأبناء حيك وجيرانك، فليكن كلامك حسناً ولباسك حسنا، وفعلك حسنا، وإياك أن تخرم مروءتك، وإياك أن تهدم هيبتك حينما تزبد أو ترعد بأدنى تصرفٍ في متابعة أمرٍ لا يليق، أو انسياقٍ وراء شهوة شبابية من لعب ورقٍ، أو مشاهدة مباريات رياضية، أو مصارعة حرة، أو سهرٍ على الباطل، أو قنواتٍ فضائحية،

هب الشبيبة تبدي عذر صاحبها ما بال أشيب يستهويه شيطانُ

إنك لتعجب يوم أن ترى كباراً في السن أخفوا شيبهم أو بقي شيبهم ظاهراً، وهم أمام المصارعة الحرة، يتصرعون أمام الشاشة إذا صرع صاحبهم أو صرعه خصمه، وإنك لتعجب من عباراتٍ بذيئة نتنة ملؤها السباب والشتيمة واللعن والطرد والإبعاد من رحمة الله، إذا كان يلعب الورق ثم أخلف صاحبه لعبته، أو أفسد عليه خطته، ينقلب إلى مراهقٍ يملأ المجلس سباً وشتماً، وربما بلغت المسألة إلى حد المضاربات والكلام البذيء.

عجباً لأولئك الذين كبروا في السن وهذا فعلهم ولا يزالون على ذلك، كيف تكون قدوة صالحة ولا يزال (بكت الدخان) في جيبك؟ كيف تكون قدوة صالحة وأنبوب الأرجيلة أو الشيشة لا يزال أنيس شفتيك بدلاً من أن يكون ذكر الله ديدنك وطبعك وهجيراك؟ يا من شبت في الإسلام! أما تستحي وقد أكرمك الله بشيبة كريمة، إخوانك في الشيشان وداغستان، والبوسنة، والصومال وغيرها، شابوا يشردون، شابوا يطردون، شابوا مرضى لا يجدون دواء، شابوا فقراء لا يجدون مالاً، شابوا جياعاً لا يجدون طعاماً، شابوا ظمأى لا يجدون ماءً عذباً زلالا، وأنت قد شبت والدواء بين يديك، ولا تزال العافية في بدنك، ولا تزال كريماً في مجلسك في بلدك، في وطنك، في عزك وكرامتك، شيبة كريمة فلا تفسدها بالذنوب والمعاصي، شيبة عزيزة فلا تذلها بمعصية الله عز وجل والإمعان فيها، بل اجعل بينك وبين الله سراً في التهجد والذكر، والإنفاق في سبيل الله عز وجل.

سبحان الله! شيخٌ كبيرٌ يريد أن يحاكي الشباب في مشيته، وحركته، وكلامه، وربما زين له الشيطان فحلق لحيته، أو خضب لحيته بالسواد، أو غير ذلك، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول فيما رواه عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: (لا تنتفوا الشيب! فإنه نور المسلم، من شاب شيبة في الإسلام كتب الله له بها حسنة، وكفر عنه بها خطيئة، ورفعه بها درجة) رواه أحمد وأهل السنن.

وذكر عبد الرزاق في مصنفه عن سعيد بن جبير أنه قال: (يعمد أحدكم إلى نورٍ جعله الله في وجهه فيطفئه).