للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[مثل يبين حقيقة الدنيا]

هذه الدنيا كما ضرب بها أحد السلف المثل قال: مثل الدنيا كمثل رجل لحقه عدو معه سلاح يريد أن يقتله فهرب، فما زال يلحقه وما زال يهرب، فلما نجا منه إذا بأسد جائع مفترس يلحقه ففر من الأسد فلم يجد أمامه إلا بئراً فرمى بنفسه في هذه البئر، فإذا في قاع البئر حية ووقف الأسد على شفير هذا البئر، فأمسك حبلاً يتدلى به، فإن نزل إلى قاع البئر فستلدغه الحيات، وإن خرج فالأسد الجائع ينتظره، تمسك بهذا الحبل فإذ بفأرين واحد أبيض وآخر أسود تسلطا على هذا الحبل يقرضانه، فمد ذلك الخائف الهرب، مد يده إلى جدار البئر فوجد منحلة من عسل، فلما ذاق العسل أخذ يتذوقه، ويقول: هذا عسل لذيذ، وأخذ يأكل من هذا العسل، هذا هو ابن آدم.

الخاتمة الحيات تنتظره، الموت، والأسد يدركه، وعمره هذا الحبل، والفأران الأبيض والأسود هما الليل والنهار يقرضان كل يوم من حبلك حتى ينقطع بك الحبل، أفتشتغل بعد هذا وتأكل عسلاً، تأكل من عسل هذه الدنيا يا أخي، أتشتغل بهذا والحية تحتك والفأر يقرض في حبلك، أم تحاول أن تبحث عن النجاة ثم بعد ذلك تجد فسحة ومتسعاً للعسل والحلوى وما لذ وطاب، هذا هو شأن كثير من الناس في هذا الزمان، والله ما جعلنا لله وقاراً، والله ما قام لأمر الله في قلوبهم غضب ولا غيرة، والله ما غضب أحدهم غضباً كغضبه على أحدٍ من أولاده يوم أن ضيع مائة ريال، ما غضب لله جل وعلا لحظة، وإذا رأى معصية أو منكراً مما يعصى به الله ربما ضحك وربما سكت، وإذا سمع كلمة في عرضه أو نسبه أو أصله أو شرفه، أخذ يزمجر ويزأر، ويثبت وهو يقول: أنا ابن جلَّا وطلاع الثنايا، من هذا الذي يتكلم فينا وفي أسرتنا وفي قبيلتنا ونحن ونحن ونحن، والكلام في دين الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في الليل والنهار عبر كثير من الوسائل وعبر كثير من الأجهزة وعبر كثير من الوسائل المختلفة، بل وفي كثير من المجالس يستطيل وينتشر وما ترى غضبة لله، أو تغيراً لله لماذا يا إخوان؟