للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[صور مشرقة من التقوى والخشية]

يقول أبو بكر الصديق: [يا ليتني شعرة في صدر عبدٍ مؤمن] يا إخوان: ماذا قدمنا حتى نطمئن.

عجبت للجنة كيف نام طالبها، وللنار كيف نام هاربها! عمر بن الخطاب الذي نزل الكتاب موافقاً لقوله، عمر بن الخطاب الإمام الأواب، شهيد المحراب، عمر بن الخطاب الذي يقول عنه النبي صلى الله عليه وسلم: (ما سلك ابن الخطاب فجاً إلا سلك الشيطان فجاً آخر، وإن الشيطان لا يجري في فج يجري فيه عمر بن الخطاب) عمر بن الخطاب أحد العشرة المبشرين بالجنة، عمر بن الخطاب لما حضرته الوفاة وضع عبد الله بن عمر ولده الصحابي الجليل رأس والده عمر على حجره، فيقول عمر: [إليك عني واجعل رأسي على الأرض، ويل عمر إن لم يرحمه ربه].

عبد الله بن عمر رأس والده على حجره، فيقول عمر: إليك عني ويل عمر وويل أم عمر إن لم يرحمه ربه، ثم يمرغ لحيته في التراب، ويقول: يا رب! رحماك، يا رب! رحماك، عمر بن الخطاب يسأل حذيفة بن اليمان يقول: سألتك بالله، يعني: ما ترك له فرصة يفر من الجواب للحديث: (من سألكم بالله فأجيبوه) سألتك بالله: هل عدني رسول الله من المنافقين؟ الله أكبر! إذا كان عمر يخاف على نفسه النفاق نحن ماذا نكون؟ من العشرة المبشرين بالجنة، نكون من أهل بدر، نكون من أهل بيعة الرضوان، من أهل الشجرة، ماذا نكون يا إخوان؟ نحن لا نقنط أنفسنا من رحمة الله، ولكن أسوق هذا الكلام لأننا نرى غروراً من أنفسنا، الواحد منا يرضى عن نفسه إذا صلى مع الجماعة وبس.

احمد ربك أني أصلي مع الجماعة، هناك أناس والله لا يصلي في المسجد، لا يركع في المسجد، احمد ربك أنني لا أسافر مثل الذين يسافرون، احمد ربك أنا أنا أنا إلخ، وكأنما يستكثر على الله، يا مسكين يا مسكين المنة لله عليك، والفضل لله عليك، وأنت لا تنفع إلا نفسك، الله غني عن العباد {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ * مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ * إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ} [الذاريات:٥٦ - ٥٨].

يا إخواني: فلنستعد لله، واعلموا أننا على خطر، لا بد أن نرتدي طوق النجاة من هذه اللحظة، لا بد أن نلبس لباس النجاة وهي التوبة من هذه اللحظة.

يا إخوان: والله إنها لفتن، يصبح الرجل مؤمناً ويمسي كافراً، ويمسي مؤمناً ويصبح كافراً، والواقع شاهد بذلك، كما عرفنا من كثير من أبناء الأسر وشباب المجتمع، تفلتوا رويداً رويداً حتى قلَّ حظهم من الإيمان، واستحكم في قلوبهم أمر الشيطان، وزين لهم الفسوق والعصيان، فماتوا على خاتمة سيئة أو كفر بالله جلَّ وعلا.