للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ورع ابن خثيم وعفته]

أين إيماننا؟! إيمان الربيع بن خثيم، الذي تمالئ عليه فساق المنطقة التي كان يسكنها، اجتمع فساق المنطقة قالوا: نريد أن نضل الربيع بن خثيم، شاب وسيم جميل عابد تقي صالح، قالوا: كيف نضله؟ قالوا: نأتي ببغية غانية، وتسمى الغانية غانية؛ لأنها استغنت بجمالها عن المجملات، فأتوا بباغية غانية، قالوا: نريد منك أمراً، قالت: ما هو؟ قالوا: نريد منك أن تضلي الربيع بن خثيم، وندفع لك مائة دينار، قالت: وماذا تريدون؟ قالوا: قبلة واحدة، اجعليه يقبلك قبلة واحدة، قالت: قبلة فقط، أجعله يزني، هل تدفعون أكثر؟ قالوا: نعم.

ندفع.

وفي هذه القصة عبرة: وهي أن الفساق لا يطمئنون لترك الأبرار والأخيار على خير، فإما أن يتجه الأبرار لدعوة الفساق فيكونون صالحين أمثالهم، وإلا فإن الفسق يسري حتى يعم الصالح والطالح، إذا كان الفساق يتمالئون على الأبرار، فما بالك بالشخص العادي الذي مثلك، عادي يعرف الصلاة في المسجد فقط، وليس هناك التزام ولا استقامة، مع الأغاني أغاني، ومع البلوت بلوت، ومع السفر سفر، ومع الشلة شلة، ومع الغفلة غفلة إلى آخر ذلك.

قالوا: نريد أن تجعليه يقبلك قالت: لا.

أجعله يزني، فوقفت له مع استغنائها بجمالها، وزادت فيما يجملها عطراً، يفوح شذاه بالمعصية ويطرح ضعاف الإيمان، فلما وقفت له في طريق، ثم أماطت الرداء عن بدنها فوقفت له، فقال الربيع: كيف بهذا البدن إذا نخره الدود، وكيف بهذه العين إذا غارت في التراب، وكيف بهذا اللسان إذا شهد عليك، فصاحت صيحة وصرخت صرخة، ثم قالت: قتلني الربيع بن خثيم، قتلني الربيع بن خثيم.