للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[المعنى المطلوب للحياة]

أيها الأحبة! عندما يكون للحياة معنى فإن هذا يعني أموراً عديدة: أولها: أن يشعر الإنسان أن حياته ليست لذاته فحسب، يعني هذا أن حياتك ليست لجوفك، وليست لفرجك، وليست لجيبك، وليست لرصيدك، وليست لمالك، وليست لأنانيتك، وليست لأثرتك، وإنما الحياة الحقيقية أن تعيش دائراً مع الحق حيث دار، الحياة الحقيقية ألا تكون حياتك قمة الأنانية في خدمة البدن.

يا خادم الجسم كم تسعى لخدمته أذهبت عمرك فيما فيه خسرانُ

أقبل على الروح فاستكمل فضائلها فأنت بالروح لا بالجسم إنسان

الحياة الحقيقية عندما يكون لها معنى أن يشعر الإنسان بأن بدايته قديمة، وأن نهايته لا تخط أثراً للترحال إلا في رضوان الله جل وعلا، يوم أن تكون من المكلفين فإنك تشعر ببدايتك بداية الحق الذي بعث الله به نبيه صلى الله عليه وسلم، فليست بدايتك أيها المسلم حينما يكون لحياتك معنى، ليست بدايتك هي ولادتك وإنما بدايتك هي بداية الحق الذي بعث به الرسول صلى الله عليه وسلم وبشر به الأمة وأنذر به الأباعد والأقارب وكان رسولاً به إلى الثقلين كافة الجن الإنس بشيراً ونذيرا، بدايتك تبدأ مع هذا الحق وتشعر أن نبيك هو قائدك الأول، وأن صحابة نبيك هم المثل وهم القناديل، وهم النجوم الزاهرة الذين تتلألأ كواكبهم في سماء الحق وفي طريق الهداية، وفي جادة الدعوة التي تمضي بها إلى مرضاة الله مروراً بالصحابة والتابعين والسلف الصالحين وعلماء الإسلام وقادة الأمة المسلمين أجمعين، البداية ليست بداية الميلاد حينما يكون للحياة معنى وإنما هي بداية الحق، والنهاية ليست بخروج الروح من البدن، وإنما خروج الروح من البدن هو أول خطوة تضعها في باب نوال الجزاء والثواب وجميل المغفرة والستر والفوز والفلاح برب العالمين، أيها المسلم حينما يكون لحياتك معنى فإن حياتك لا تنتهي بموتك، وإنما تبدأ رحلة جديدة أوسع آفاقاً وأبعد مدى وأعمق أصولا وأشمل في جميع الجوانب؛ لأن نهاية المؤمن من الحياة هي بداية النعيم إلى مرضاة الله جل وعلا، وكما يقول واحد من دعاتنا وعلمائنا: أيها المسلم أنت موعود بمستقبل مشرق يبدأ بموتك.