للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أثر الحياة الحقة في أهمية الإنسان]

قال إبراهيم بن أدهم رحمه الله وهو يبين قيمة الحياة لأهل الحياة الحقيقية:

إذا ما مات ذو علم وتقوى فقد ثلمت من الإسلام ثلمة

وموت الحاكم العدل المولى بحكم الأرض منقصة ونقمة

وموت الفارس الضرغام هدمٌ فكم شهدت له بالنصر عزمة

وموت فتىً كثير الجود محلٌ فإن بقاءه خصب ونعمة

وموت العابد القوام ليلاً ينادي ربه في كل ظلمة

أولئك الذين كانت حياتهم معنى، كانت حياتهم وجودا، وكان غيبتهم فقدانا، أولئك الذين كانت حياتهم عطاء وإيجابية، وكان ذهابهم سلبية وحرمانا:

فحسبك خمسة يبكى عليهم وباقي الناس تخفيف ورحمة

وباقي الخلق همج رعاءٌ وفي إيجادهم لله حكمة

الحياة الحقيقية أيها الأحبة أن تجد لذة العبودية وأعلى مراتب العزة بتمريغ الجبهة والأنف بين يدي الله جل وعلا، أن تشعر بالتحليق في طباق السماوات وأنت تمرغ الجبهة والأنف والجبين بين يدي الله جل وعلا.

كذلك أيها الأحبة في الله حينما يكون للحياة معنى فإن الإنسان تجده بركة أينما حل وأينما كان، كما قال عيسى عليه السلام: {وَجَعَلَنِي مُبَارَكاً أَيْنَ مَا كُنْتُ} [مريم:٣١].

أيها الأحبة! حينما يكون للحياة معنى فإن لوجودك أثراً ولغيبتك أثراً، وحينما يكون للحياة معنى فإن لحركاتك وسكناتك وذهابك وإيابك أثراً، كما قال الله جل وعلا على لسان عيسى بن مريم: {وَجَعَلَنِي مُبَارَكاً أَيْنَ مَا كُنْتُ} [مريم:٣١] إخواني! من هو المبارك فينا أينما كان؟ أين المبارك في وظيفته؟ أين بركتك على زملائك في الوظيفة؟ أين بركتك على بيتك المبارك بأسرته؟ أين المبارك في مسجده؟ أين المبارك بين جيرانه؟ أين المبارك بين أصدقائه؟ أين المبارك بين زملائه؟ أين المبارك بين زملائه في الدراسة في الجامعة في الوظيفة في كل مكان حل وارتحل؟ {وَجَعَلَنِي مُبَارَكاً أَيْنَ مَا كُنْتُ} [مريم:٣١] إن الذي تجد فيه بركة أينما حل هو الذي لحياته معنى، وأما الذي يعيش ولا أثر لحياته فذلك كما يقول القائل:

وأنت امرؤ فينا خلقت لغيرنا حياتك لا نفع وموت فاجع

غاية ما يوجد بعده أن تفجع مصيبته أمه وأباه أو أهله وذويه، بموته، ويُنسى.