للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[خطوات على طريق الوحدة]

الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيماً لشانه، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.

عباد الله: اتقوا الله تعالى حق التقوى، تمسكوا بشريعة الإسلام، وعضوا بالنواجذ على العروة الوثقى، واعلموا أن خير الكلام كلام الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار، وعليكم بجماعة المسلمين فإن يد الله مع الجماعة، ومن شذ شذ في النار عياذاً بالله من ذلك.

إنه ما من مسلم إلا ويتغنى ويتمنى وينشد ويرمق ذلك اليوم الذي يرى فيه المسلمين أمة واحدة {إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ} [الأنبياء:٩٢] وإن مما يعين على تحقيق هذه الوحدة، أن نعظم في النفوس شأن الانقياد والاستجابة لله ورسوله، وأن نعظم في النفوس محبة الخضوع والتسليم للدليل بلا نزاع أو جدال أو تسويف، فلا إيمان إلا بتسليم لله ورسوله {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً} [النساء:٦٥] {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} [الأحزاب:٣٦].

أن نعظم في النفوس هذا الاستسلام والانقياد، وهذه الاستجابة: {سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ} [البقرة:٢٨٥] أن نربي أبناءنا وبناتنا ومجتمعنا عبر كل وسيلة إعلامية وتعليمية وتربوية على الخضوع والاستجابة الفورية لأمر الله ورسوله.

وإن مما يعين على تحقيق وحدة المسلمين: أن يعرف المسلمون من هم أعداؤهم، من هم الأعداء التاريخيون، ولو تلونت الوجوه، وتغيرت الأقنعة، أو تبدل السرج، وتغيرت المواقف.

إذا عرفنا من هم أعداؤنا، نسينا خلافات جانبية أو جزئية فيما بيننا، لنقف وقفة واحدة، بغضبة وغيرة لله ورسوله في مواجهة عدو لم يألوا المسلمين خبالاً، ود عنتهم، يعض عليهم الأنامل من الغيظ، لا يفتأ يتربص بهم الدوائر، وإن تصب المسلمين حسنة تسؤهم، وإن تصب المسلمين سيئة يفرح بها.

إن مما يحقق الوحدة الإسلامية: أن يفقه كل مسلم أن الأخوة بين المسلمين لا يحدها جبل أو بحر، أو سهل أو وعر أن يفقه كل مسلم أن إخوانه المسلمين هم أطرافه وجوارحه، فمن سقي بسموم العصبية عبر أي وسيلة من الوسائل، فليتقيأ ذلك السم، وليشرب نمير الأخوة عذباً، وعسل المحبة مصفى.

أن نشعر أن إخوننا المسلمين هم أيدينا وجوارحنا وأطرافنا، فإذا ثارت نعرات القومية والعصبية والبغضاء والتناحر؛ أدركنا أننا إن نقطع فنقطع أيدينا، وإن نبتر فنبتر أرجلنا، وإن نطعن فنطعن أفئدتنا، وإن نرق نرق دماءنا، وإن نزهق نزهق أنفسنا، حينما يعظم في نفوسنا معنى الأخوة لكل المسلمين، بغض النظر من أي اتجاه هو.

وحيثما ذكر اسم الله في وطن عددت أرجاؤه من لب أوطاني

إن مما يعين على تحقيق الوحدة بيننا: ألا يؤخذ المسلمون بذنوب أنظمتهم؛ إذ {وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام:١٦٤].

وإن مما يعين على تحقيق الوحدة: نشر الوعي بكتاب الله والحاجة إليه، ونشر القنوط واليأس بإفساد وخواء وإفلاس الأنظمة التي ما جرت على الأمم إلا فشلاً بعد فشل، وهزيمة بعد هزيمة، وسقوطاً بعد سقوط.

إن مما يعين على تحقيق الوحدة: أن ندعو إلى هذا وأن ننشره عبر الأشرطة، والكتب، وعبر كل سبيل ووسيلة نافعة.

اللهم اجمع شمل المسلمين على طاعتك، اللهم أصلح قلوبهم، وثبت أقدامهم، ووحد صفهم، وسدد رصاصهم، وأقم دولتهم.

الله صلِّ على محمد وعلى آل محمد وأزواجه وصحبه وسلِّم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.