للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الحث على تيسير المهور في الكتاب والسنة]

يقول الله جل وعلا: {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً} [النساء:٤] والصداق إن كان باهضاً مرهقاً فإنه عند ذلك لا يكون نحلة عن طيب نفس، وإنما يضطر إليه راغب النكاح ليسد حاجته ولينال مقصده، وجاء عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: (خير النكاح أيسره) رواه أبو داود عن عقبة بن عامر بسند حسن.

يقول صلى الله عليه وسلم: (خير النكاح أقله كلفة) ويقول عمر بن الخطاب: [لا تغالوا في صدقات النساء؛ فإنها لو كانت مرغوبة في الدنيا أو تقوى عند الله لكان أولاكم بها رسولكم صلى الله عليه وسلم؛ فإنه ما أصدق أحداً من نسائه ولا أصدقت واحدة من بناته أكثر من خمسمائة درهم] أي: ما يعادل مائة ريال تقريباً، والفضلاء الكرماء من الرجال لا يؤثر قلة الصداق في نفوسهم شيئاً، وإنما جل مقصدهم أن يتصل خاطبهم بابنتهم في حالة تنبعث من المودة والمحبة، ألا وإن اعتذار بعض الأولياء في تزويج البنات من قلة الصداق جريمة من أعظم الجرائم التي يرتكبها ذلك الأب، ولو أدرك قليلاً مما في قلب ابنته لوجد أنها تريد الزواج ولو على أدنى اليسير من لقمة العيش، ونحن في خطر ومصيبة حينما يقدم الكفء خاطباً فيرد لقلة ماله أو لقلة صداقه الذي قدم وما شابه ذلك؛ لأن الولي إذا وقف أمام الكفء في طريقه إلى الزواج من ابنته؛ فإنه بهذا يغلق طريق السعادة على ابنته لا قدر الله ذلك إن بقيت بلا زوج، أو تزوجها سفيه لا يبالي بالمرأة على أي ذنب سقطت تحت خشونته وعبثه.

ولقد جاء عنه صلى الله عليه وسلم قوله: (من آتاكم ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عظيم) رواه الترمذي.

وليعلم أولئك الذين يردون الخطاب الأكفاء عن بناتهم لقلة المال أنهم حرموا أنفسهم وبناتهم خيراً كثيراً، ولو تمسكوا بأمر المال والمتاع من باب قوله جل وعلا: {وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ} [النور:٣٢] والأيامى: جمع أيم وهو الذي لا زوج له من بنت أو ولد: {إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} [النور:٣٢] لوجدوا أن الغنى أسرع ما يكون لمبتغي النكاح قاصداً لذلك الستر والعفاف والذرية الصالحة، ما رأيكم برجل أقسم الله على نفسه أن يعينه أترونه يحتاج إلى الناس وقد أعانه الله، أترونه يفتقر إلى العباد وقد أغناه رب العباد: (ثلاثة حق على الله عونهم: -ذكر منهم- الناكح يريد العفاف).

فاتقوا الله يا معاشر الأولياء ولا تردوهم من أجل مال.