للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[رسالة إلى أنصاف المتعلمين]

أيها الإخوة: إننا نجد نوعاً من الأمية ألا وهي أمية المتعلمين، أمية الذين يحملون الشهادات ولكن الكثير منا ولو حلمنا شيئاً من هذه الشهادات قد نكون أميين في كثير من مسائل الدين والشريعة، إذ أن كثيراً من الذين يقرءون ويكتبون يجهلون أبسط القواعد في أحكام الدين، ويجهلون أبسط الأحكام في أمور الشريعة! تلك والله أمية عظيمة، وتلك والله أمية خطيرة، ورب أمي لا يقرأ ولا يكتب يفقه من كتاب الله ومن سنة رسوله وبمجالسته العلماء ومواظبته على حضور دروس العلم وحلقات التعليم يفقه شيئاً كثيراً، أكثر مما يفقهه حامل شهادة من الشهادات.

إذاً -أيها الإخوة- إنه نوع آخر من الأمية وهو أمية المتعلمين، أو أمية الذين يقرءون ويكتبون، أمية خطيرة، أمية خطيرة جداً وهي أمية الجهل عن العلم بأحكام دين الله سبحانه وتعالى، إذ الواجب على من حمل شهادة أو انتسب إلى العلم والعلماء أن يتم علمه وتعليمه بعلم كتاب الله وسنة رسوله على أقل الأحوال، أبسط ما يحتاج إليه في أمور الصلوات الخمس والوضوء والطهارة وطهارة النساء في ما يعلم به زوجته وبناته وأولاده، لا بد أن يكون ملماً بذلك في أبسط قواعد أحكام الصيام، في أبسط قواعد أحكام الحج، في كثير من الأمور التي نحتاجها ذاهبين آيبين غادين رائحين، وتتردد علينا إما يومياً أو أسبوعياً أو سنوياً، أو في موسم من مواسم السنة، ومع ذلك ترى الواحد منا وهو يحمل هذه الشهادة الطويلة العريضة لا يستطيع أن يدرك شيئاً من أبسط أحكام الشريعة! هذه والله أمية عظيمة نحتاج إلى محاربتها، ونحتاج إلى أن نبعد أنفسنا عن أن نوصم بها أو نوصف بها.

أسأل الله جل وعلا أن يوفقنا وإياكم إلى ما يحبه ويرضاه، اللهم علمنا ما جهلنا، وذكرنا ما نسينا، وارزقنا العمل بما علمتنا، اللهم اجعل عملنا حجة لنا لا حجة علينا.

اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم دمر أعداء الدين، اللهم أبطل كيد الزنادقة والملحدين، اللهم من أراد ولاة الأمر فينا بفتنة، وأراد علماءنا بمكيدة، وأراد شبابنا بضلال، وأرد نساءنا بتبرج وسفور واختلاط وعمل مع الرجال، اللهم أشغله بنفسه، اللهم اجعل كيده في نحره، اللهم اجعل تدبيره تدميراً عليه، اللهم أرنا فيه عجائب قدرتك، اللهم افضحه على رءوس الخلائق.

ربنا إننا نصبح ونمسي ونبيت في عافية وأمن، ونعمة وستر، ورزق وفضل منك وحدك لا شريك لك؛ ربنا أتمم علينا ذلك، ولا تغير علينا بذنوبنا، اللهم من أراد علينا تغييراً بما يريده من فساد أو إفساد، اللهم أهلكه عاجلاً غير آجل، اللهم أبعده عنا، اللهم أرنا فيه عجائب قدرتك يا رب العالمين! اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم دمر أعداء الدين، اللهم أحينا على الإسلام سعداء، وتوفنا على التوحيد شهداء، واحشرنا في زمرة الأنبياء، اللهم ارزقنا توبة قبل الموت، وراحة عند الموت، ونعيماً ولذة في القبور بعد الموت، اللهم اختم بشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله آجالنا، واقرن بالعافية غدونا وآصالنا، واجعل اللهم إلى الجنة مصيرنا ومآلنا، ولا تجعل ربنا إلى النيران منقلبنا ومثوانا.

اللهم لا تدع لأحدنا ذنباً إلا غفرته، ولا هماً إلا فرجته، ولا ديناً إلا قضيته، ولا مبتلى إلا عافيته، ولا مريضاً إلا شفيته، ولا حيران إلا دللته، ولا باغياً إلا قطعته، ولا تائباً إلا قبلته، ولا أيماً إلا زوجته، ولا عقيماً إلا ذرية صالحة وهبته، ولا غائباً إلا رددته برحمتك ومنك وكرمك يا أكرم الأكرمين! اللهم إنا نعوذ بك من فجاءة نقمتك، ومن زوال نعمتك، ومن تحول عافيتك، اللهم لا تعذبنا بذنوبنا فأنت بنا راحم، اللهم اغفر لنا وارحمنا، ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكون من الخاسرين، لا إله إلا أنت سبحانك إنا كنا من الظالمين.

اللهم اغفر لوالدينا، اللهم اجزهم عنا خير الجزاء، اللهم من كان منهم حياً فمتعه بالصحة والعافية على طاعتك، ومن كان منهم ميتاً فأجزل الرحمة له، وأوسع السعة في قبره، اللهم جازهم بالحسنات إحساناً، وبالسيئات عفواً وغفراناً.

اللهم اجعلنا من عبادك المتقين الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، اللهم ثبت عبادك المجاهدين، اللهم وفق الدعاة المصلحين، اللهم وفق الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر، اللهم وفقهم وارزقهم العلم النافع والعمل الصالح، واجزهم عن المسلمين خير الجزاء فإنهم على ثغر عظيم من ثغور الدين.

اللهم اجعلنا من عبادك الذين يراقبونك في كل ما يأتون ويذرون، اللهم اعصمنا عما يسخطك، اللهم جنبنا ما يغضبك، اللهم حل بيننا وبين معصيتك، اللهم وفقنا إلى طاعتك ومرضاتك يا رب العالمين! {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً} [الأحزاب:٥٦] اللهم صل وسلم وزد وبارك على نبيك محمد صاحب الوجه الأنور، والجبين الأزهر، وارض اللهم عن الأربعة الخلفاء، الأئمة الحنفاء: أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وارض اللهم عن بقية العشرة وأهل الشجرة ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بعفوك ومنك وكرمك يا أرحم الراحمين! اللهم وفق إمام المسلمين، اللهم انصر إمام المسلمين، اللهم أصلح إمام المسلمين، اللهم أصلح بطانته، اللهم أصلح أعوانه وإخوانه، اللهم اجمع شملهم، اللهم لا تفرق بينهم، اللهم وحد صفهم، اللهم ثبت أقدامهم، اللهم اجعلهم لكتابك وسنة نبيك عاملين، ولدينك داعين يا رب العالمين! إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى، وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي؛ يعظكم لعلكم تذكرون، فاذكروا الله العلي العظيم الجليل الكريم يذكركم، واشكروه على آلائه يزدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.