للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الجهاد وأهميته في نشر الدين]

إن الإسلام -أيها الإخوة- انتشر يوم أن أُريقت دماء أصحابه على أرض الجهاد، وإن الفتوحات الإسلامية توسعت يوم أن سالت دماء الصحابة، ودماء التابعين، وجنود المسلمين على أرض المشرق والمغرب، وهي سنة الله، والجهاد ماضٍ إلى يوم القيامة.

لن ينتشر هذا الدين إلا بالجهاد في سبيل الله، شريعة الأمة، شريعة الخلود، شريعة البقاء، فإن كنت حياً فمن السعداء، وإن مت في الأرض، في أرض الجهاد فمع الشهداء، هكذا يعيش المسلمون.

عباد الله: كم من شخص لم يُعرف فكره وصدقُ نيته وصلاحه إلا بعد أن واراه التراب، انتشر وعرف وعلم شأنه وقدره، سيد قطب رحمه الله كان معلوماً لديكم، وقع أن قدم للإعدام في المشنقة، وطلب منه أن يعتذر أو أن يقول كلاماً ليرضي به من حوله، ولكي يخفف عنه الإعدام إلى السجن المؤبد، أو نحو ذلك، فماذا قال؟ إن إصبع السبابة الذي يشهد لله بالوحدانية في كل يوم خمس مرات، يرفض أن يعتذر للطغاة، الله أكبر يا عبد الله! هكذا تنتشر الأديان، هكذا ينتشر الدين وتنتشر العقائد، وبدون ذلك لا تنتشر فكرة ما لم يروها أبناؤها بدمائهم.

وقال رحمه الله في تفسيره في ظلال القرآن حول كلامه عن قول الله جل علا: {إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ} [غافر:٥١] قال رحمه الله: وكم من شهيد بلغت دعوته مبلغاً بعيداً، لو قدر له أن يعيش آلاف السنين لم تبلغ دعوته عشر ما بلغت، فهذا عزام مثله، وقبله أئمة الدعوة في نجد، وفي سائر أنحاء المعمورة يوم أن قدموا دماءهم لله انتشر التوحيد، وانتشرت الدعوة، وانتشر فكرهم، الله أكبر! الله أكبر! الله أكبر! على هذه الخاتمة الحسنة وهذه الخاتمة الطيبة، وإنها والله تدفع آلاف الشباب، أن يعلنوا ثباتهم وصمودهم واستمرارهم في لقاء العدو ومواجهة الأعداء، إلى أن يأذن الله لهم أو يفتح الله للمؤمنين أجمعين:

تالله ما الدعوات تهزم بالأذى أبداً وفي التاريخ بر يميني

ضع في يدي القيد ألهب أضلعي بالسوط ضع عنقي على السكين

لن تستطيع حصار فكري ساعة أو رد إيماني ونور يقيني

فالنور في قلبي وقلبي في يدي ربي وربي حافظي ومعيني

الله يحفظ عباده، والله يحفظ دينه، والله يحفظ شريعته، الله متكفل بحفظ دينه {وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ} [محمد:٣٨] {مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ} [المائدة:٥٤].

بارك الله لي ولكم بالقرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم.

أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه من كل ذنب؛ إنه هو الغفور الرحيم.