للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[دعوات لإفساد الشباب في الإجازة]

معاشر المؤمنين! أولئك الذين تكون إجازتهم فتحاً ربانياً عليهم من الله، أولئكم الذين اعتنوا بمزيد العبادة، واجتهدوا في الصلاة مع الجماعة، وأشغلوا أوقاتهم بمرضاة الله جل وعلا، وعجبٌ أيما عجب أن ترى الأسئلة الكثيرة عن مشكلة الفراغ وفيما يقضي الناس أوقاتهم، ويفتح دعاة السوء ومزامير الباطل أبواباً من الفتن وصفحاتٍ من البلاء يدعون كثيراً من الشباب لقضاء أوقاتهم وإجازاتهم فيها عبر الرحلات السياحية، وعبر الدورات التعليمية التي يعدونها لأبنائنا خارج بلاد المسلمين.

فلنعلم -أيها الأحبة- أن هذا خطرٌ وأي خطر، وبلاءٌ وأي بلاء، أن يظن بعض من لا حظ لهم من الوعي والفهم أنه يجازي ولده على نجاحه ويكافئه على تفوقه أن يرسله مع بعثةٍ سياحية لتتجول به في دول الغرب أو في أي بلادٍ كافرة، والله جل وعلا يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ} [التحريم:٦] والبعض يلقي بفلذة كبده إلى التهلكة، والبعض يقذف ويزج بولده إلى الردى والهاوية.

اعلموا يا معاشر المؤمنين: أنما تعلمونه أو تقرءونه أو تسمعونه من دعواتٍ تستجلب أبناءكم وشبابكم لتعلم اللغة الإنجليزية مثلاً عبر بعثةٍ سياحية، أو لتعلم دورةٍ على الحاسبات الآلية خارج أرض المسلمين، إنما هي دعوةٌ سامة قد لبست بالحلاوة وعليها طلاوة الفجور، فانتبهوا لأبنائكم! من ذا الذي يستقبلهم؟ ومن ذا الذي يتولاهم؟ أتهبط بهم الطائرات في مكة والمدينة؟ أتنزل بهم تلك البعثات إلى المراكز الإسلامية، أم تهبط بهم إلى الفنادق وإلى الشواطئ والأندية وإلى صالات اللهو وساحات الرقص؟ أيها الأحبة! الحذر الحذر من أن تزجوا بأبنائكم في مثل هذه الدعوات الباطلة، فإن كثيراً من المسلمين قد يغتر بها ويظن أنها تنمي قدرة ولده، فيحدوه أو يوافقه على التسجيل فيها، ويغيب ولده عن ناظريه شهراً أو أقل أو أكثر ويعود وقد كره مجتمعه وتكبر على ما في مجتمعه من القيم والآداب الشرعية والإسلامية، ويعود وقد تبرم من هذه المحافظة ومن هذا الستر، وقد جعل في قلبه نية العودة بعد الفرار من سيطرة والده عليه.

إن كثيراً من الناس يشكو كيف تمرد ولده عليه وقد نسي أنه هو الذي فتح له باب التمرد، إن كثيراً من الناس يتألم لما أفلت زمام ولده من يده ونسي أنه هو الذي قدم له الزمام وأفلت له الخطام فجعله يعيش ويلهو أينما شاء وحيثما شاء وكيفما شاء.