للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[قصة مجاهد في سبيل الله وبيته الذي احترق]

أما القصة الثانية -أيها الأحبة- فهي لواحد من إخوانكم المجاهدين من خيرة شباب الجهاد، أسأل الله جل وعلا أن يأجره في مصيبته وأن يخلف له خيراً منها، وإذا أراد الله بعبد خيراً ابتلاه، ذلك شاب من خيرة الشباب المجاهدين، له زوجة حافظة للقرآن الكريم متقنة مدرسة للتجويد.

كان في مدينة الرياض في ليلة من الليالي في غرفته، وقبل أن ينام كانت زوجته تدارسه قول الله جل وعلا: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ * نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ * نُزُلاً مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ} [فصلت:٣٠ - ٣٢] كانت تدارسه وتشرح له هذه الآيات، كانت عالمة بكتاب الله، وما أجمل الحياة مع زوجة تقية صالحة! هنيئاً لمن له زوجة كهذه! الحاصل -أيها الأحبة- أنه قرابة الساعة العاشرة وزيادة كان يتحدث معها، وفي تمام الساعة الثانية إلا قليل -أو بعد الواحدة والنصف- إذ به يستيقظ على رائحة دخان أشبه ما يكون بحريق في المنزل، فلما فتح باب غرفته إذ به يجد الحريق مشتعلاً في البيت، وعرف أنه إن لم يتصرف فهو محترق هالك لما محالة، فما كان منه إلا أن حمل طفلته الكبرى -عمرها أربع سنوات والأخرى رضيعة، عنده طفلتان- وحملهما ومر على الأرض وهي محترقة، الموكيت والفرش محترق بالنار يلتهب نتيجة التماس في الكهرباء، البيت كله محترق لكنه مر حافياً على هذا الحريق وأخذ الطفلة، ثم توجه إلى باب الصالة يريد أن يفتحها فوجد بابها مغلق، فقام وعبر مرة أخرى على الحريق وألقى بالطفلة في المطبخ واتجه إلى المطبخ، خرجت زوجته الأخرى بالطفلة الأخرى فإذ بها تعثر في الفرش -في الموكيت- مع ذوبانه في النار التصق برجليها فظنت أن باب الصالة مفتوح فرمت بالصغيرة تريد إنقاذها برميها والباب مغلق فارتطمت الصغيرة وسقطت مرة أخرى في الحريق.

وأخذت هذه، هو في المطبخ ويصيح وينادي زوجته وهي تجيب، يريد أن يصل إليها فلا تستطيع، وهي تريد أن تتحرك، فاحترقت الطفلة الصغيرة.

عندما انتهى الحريق إذ بهم يجدون الحريق لم يلتهم من زوجته ولا شعرة واحدة!! حافظةً لكتاب الله، إن الذي خلقها هو الذي خلق النار فأمرت النار أن تأكل ما أكلت، وأمرت النار أن تحفظ جسداً وقلباً حوى كلام الله وكتاب الله، ووجدوا بالقرب منها أو حولها بقعة ماء تحتها، كانت سبباً في حفظها بإرادة الله ومشيئته.