للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أثر العقيدة في توجيه أصحابها]

لو أن أسداً محشواً بالليف, محنطاً بالقطن, وقف في وسط هذا المسجد ما تحرك أحد خوفاً منه, ولربما رأيت الأطفال يجعلون أناملهم الطرية بين أنيابه الحادة, لأنها صورة أسد, ولو أن نمراً صغيراً انطلق لوجدت الناس يهربون منه يمنة ويسرة, لماذا يهرب الناس من نمر صغير ولا يخافون من أسد كبير؟ لأن الأسد صورة, والنمر حقيقة.

فنحن لا نريد أن نحمل صورة الإسلام, إن اليهود يحملون شيئاً من حقيقة معتقدهم, ولأجل ذلك خافهم الناس, أما إن كنا نحمل حقيقة معتقداتنا فوالله لا وزن لهم ولا كرامة, ولا هيبة لهم ولا مهابة, ولكن -يا عباد الله- كيف ننمي هذه الحقيقة الدينية؟ وكيف ننمي حقيقة العقيدة؟ شباب الإسلام! قد آن لكم أن تنفضوا النوم عنكم, يا شاباً ما زال يغرق في المعاكسة! يا شاباً ما زال مغرقاً في الهوى والحب والغرام! يا شاباً ما زال يبيع أفلام اللهو والطرب! يا شاباً ما زال يتعامل بالربا! يا رجلاً ما زال وراء شهواته وملذاته! يا رجلاً غافلاً في سكراته! يا مسلماً ضيعت نفسك وضيعت بيتك وأسرتك! إخوانك يتخطفون, وأبناؤهم يباعون, وزوجاتهم وأعراضهم ينتهكون, وثكالاهم يصرخون, وشيوخهم يشردون, وأنت على سماعة الهاتف تنتظر حبيبتك أن ترد عليك: صباح الخير أو مساء الخير؟! أهذه أمة الإسلام؟! أقوم يعذبون ويقتلون وشباب لا زالوا على الغرام ومصارعة النساء وأفلام الفديو والرقصات الحمراء والليالي الغنائية المطربة؟! أهذا شأن شباب المسلمين؟! إن شبابنا المسلمين الذين سافروا إلى بانكوك ومانيلا وكازبلانكا وكثير من البلاد إن أفجر واحد منهم يستطيع أن يمد خطوته ساعتين إلى أولان باتور في منغوليا أو إلى فلمبيا في كمبوديا ويعلم المسلمين الوضوء والفاتحة والصلاة, المسلم شيء كثير لكنه أسد ربط في قفص, وتربى مع البقر فلا يفقه إلا الخوار ولا يعرف الزئير أبداً.

إن الشباب الذين تنقلوا إلى بلاد الفساد والعهر من أنحاء العالم الإسلامي لكي يفجروا ويزنوا ويفسدوا, إنهم يحملون في قلوبهم خيراً عظيماً لو تابوا إلى الله, ولو تابوا إلى الله وسابقوا إلى الاتحاد السوفيتي لكي يجمعوا المسلمين أحفاد البخاري وأبو داود السجستاني ومسلم بن الحجاج النيسابوري وأحفاد الترمذي لو عادوا إليهم وأعادوهم إلى الإسلام وعلموهم العقيدة، إن أولئك الذين يفعلون الفاحشة لو تابوا إلى الله وبدلاً من الذهاب إلى بانكوك أو مانيلا أضافوا ساعتين حتى يصلوا إلى بلاد المسلمين فيعلموهم العقيدة؛ لاستطعنا حينما يغضب مسلم فينا أن يغضب له مليار مسلم.

رب وامعتصماه انطلقت ملء أفواه الصبايا اليتم

لامست أسماعهم لكنها لم تلامس نخوة المعتصم

أمتي هل لكِ بين الأمم منبر للسيف أو للقلم

أتلقاك وطرفي مطرق خجلاً من أمسك المنصرم

ألإسرائيل تبقى دولة في حمى الحق وظل الحرم

لا يلام الذئب في عدوانه إن يك الراعي عدو الغنم

ومن رعى غنماً في أرض مسبعة ونام عنها تولى رعيها الأسد

لقد تركنا إخواننا فلا عجب أن يرعاهم اليهود, لقد تركنا إخواننا ونسيناهم, مَن منا يفكر في فلسطين صباح مساء؟ أو أفغانستان؟ أو أثيوبيا؟ أو المسلمين في سيرلانكا؟ أما قرأتم جريدة المسلمون، أما اطلعتم في العدد الماضي على صورة شاب قد قطعت رقبته كما تقطع رقبة البهيمة؟ وتعلقت رقبة طفل بقطعة لحم تتدلى؟ أرأيت الذبيحة يوم أن تذبحها ولا تستطيع أن تقطع الوريد والمريء والأوداج ويبقى شيء من الحياة ونزع من الموت, أرأيت كيف ترفس الذبيحة؟ رأيت صوراً لإخواننا المسلمين في مسجد من مساجد سيرلانكا قد ذبحوا والمسلم يرفس على الجدار وعلى ما حول الجدار والدم يتناثر يمنة ويسرة!! أين المسلمون؟! ضع صندوقاً في بيتك وصندوقاً عند بابك واكتب على هذا الصندوق: فلسطين وأفغانستان وكشمير وأثيوبيا وإريتريا وآسام , اكتب عليه هذه الأسماء لكي تراها بعينك فإذا دخلت ضع خمسة ريالات وإذا خرجت ضع مثلها, وإذا أذنبت فكفر بهذه الصدقات, ثم اجمعها إلى رابطة العالم الإسلامي , إلى الندوة العالمية للشباب الإسلامي وقل: هذا من أجل المسلمين, والله لو رفع شعار يقول: قاتلوا المسلمين لتبرع أعداؤكم بالمليارات, ولو رفع شعار يقول: قاتلوا اليهود والنصارى لعجزنا أن نجمع شيئاً.

أحد الدعاة يقول: أردنا أن نجمع لمشروع مائة مليون من أجل المسلمين، رفعه النصارى فجمعوا في خلال ثلاثة أشهر فقط مائة مليون دولار, ونحن لنا ثلاث سنوات نجمع مائة مليون بعملتنا حتى الآن! وكثير من المسلمين أغنياء ولكن أين من يتفاعل مع قضايا المسلمين؟! أسأل الله جل وعلا ألا نكون على كرب إخواننا من المتفرجين.

اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم دمر أعداء الدين، اللهم أبطل كيد الزنادقة والملحدين، اللهم اجعل هذا البلد آمناً مطمئناً سخاء رخاء وسائر بلاد المسلمين أجمعين، اللهم آمنا في دورنا, وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، اللهم اهد إمام المسلمين، اللهم اهد إمام المسلمين، اللهم أصلح بطانته واجمع شمله وأعوانه وإخوانه على ما يرضيك يا رب العالمين، اللهم بصرهم بكتابك وسنة نبيك، اللهم مسكهم بالحق المبين، اللهم ما علمت في أحد خيراً لهم فقربه منهم، وما علمت في أحد شراً لهم ولأمتهم فأبعده عنهم، اللهم اجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك، اللهم ولي علينا خيارنا واكفنا شرارنا، اللهم اجمع شملنا وعلماءنا وولاة أمرنا ولا تشمت بنا حاسداً ولا تفرح علينا عدواً بمنك وكرمك يا أرحم الراحمين, يا أكرم الأكرمين! اللهم لا تدع لأحدنا ذنباً إلا غفرته, ولا هماً إلا فرجته, ولا ديناً إلا قضيته, ولا مبتلىً إلا عافيته, ولا مريضاً إلا شفيته, ولا حيران إلا دللته, ولا غائباً إلا رددته, ولا أيماً إلا زوجته وأسعدته, ولا عقيماً إلا ذرية صالحة وهبته, بمنك وكرمك يا أرحم الراحمين.

اللهم استرنا بسترك واكلأنا برعايتك, ولا ترفع عنا يد رحمتك, بمنك وكرمك يا أرحم الراحمين، اللهم أكرمنا ولا تحرمنا، اللهم أعطنا ولا تهنا, وأعنا ولا تُعن علينا، وانصرنا ولا تنصر علينا، اللهم رد فلسطين إلى المسلمين، اللهم رد المسلمين إلى المسلمين، اللهم اقتل اليهود في فلسطين، اللهم جمد الدماء في عروقهم، اللهم اقتلهم شر قتلة، اللهم مزقهم شر ممزق، ربنا إنه لا يعلم جنودك إلا أنت {وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلاَّ هُوَ} [المدثر:٣١].

وصلى الله وسلم على نبينا محمد.