للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حياة موسى في بيت فرعون]

عاش موسى في بيت فرعون عند آسية، واجتهدت في البحث له عن مرضعة لتكون له ظئراً وتربيه، لكن الوليد الرضيع يأبى المراضع، ولا يقبل ثدي واحدة منهن حتى اشتد به الجوع، واشتد به البكاء، وهو لا يقبل ثدياً.

وما زالت آسية زوجة فرعون تبحث له عن مرضع حتى رأته أخت موسى، وقد كانت ترقبه من بعيد، فجاءت إلى آسية امرأة فرعون، وعرضت عليها أن تأتي بامرأة مرضعة أمينة ناصحة تتعهد بهذا الرضيع، وتعتني به مقابل أجرة لها، فقالت لها امرأة فرعون: ائتيني بها، فإن قبل ثديها أكرمتها بأي مال أرادت، فانطلقت أخت الرضيع إلى أمه، وأخبرتها الخبر، فلما رأت ولدها كادت أن تبدي به، أي: كادت أن تقول: هذا ولدي، لولا أن ثبتها الله حتى لا يشعر آل فرعون بأن هذه هي أمه، فلما وضعته في حجرها، التقم ثديها، وأخذ يرضع بنهم ولذة حتى ارتوى وملأ جنبيه.

ففرحت آسية فرحاً عظيماً، وطلبت من أم موسى -وهي لا تعلم أنها أمه- أن تمكث في القصر عندها لترضع هذا الغلام، ووعدتها بأن تعطيها أنواع المال والهدايا، وأن تكرمها بأنواع الإكرام، فأظهرت أم موسى العفة، وقالت: إن طابت نفسك أن تعطينيه، فأذهب به إلى بيتي، وأتعهده بالعطف والرعاية كما أتعهد ولدي، وأنا لا أستطيع أن أدع بيتي وأولادي من أجل هذا الغلام، تقول أم موسى وهي تعلم أنه ولدها: لا أستطيع أن أدع بيتي وأولادي من أجل هذا الغلام، فرضيت آسية أن تدفعه إليها على أن تأتي به في كل فترة لتراه وترضعه عندها.

{وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغاً إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلا أَنْ رَبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ * وَقَالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُبٍ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ * وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ مِنْ قَبْلُ فَقَالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ * فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ} [القصص:١١ - ١٣] بعد أن أمرت أن تلقيه في البحر: {فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ} [القصص:١٣].