للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[فرار موسى ومن معه]

بعد أن عدل فرعون إلى استعمال القوة لصد الدعوة، وصد صوت الحق، أمر الله نبيه موسى عليه السلام أن يخرج بمن معه من المسلمين إلى بلاد الشام، فخرج بهم ليلاً، فلما علم فرعون بخروجهم، غضب وجمع جنوده، وسار في طلبهم، فأدركهم عند طلوع الشمس، وقد انتهوا إلى البحر: {فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ} [الشعراء:٦١] لأن العدو خلفهم والبحر أمامهم، والجبال عن يمينهم وشمالهم وهي شاهقة عالية، فقال لهم موسى عليه السلام، قال لهم الرسول الصادق: {كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ} [الشعراء:٦٢] وتقدم إلى البحر وأمواجه تتلاطم، وهو يقول: هاهنا أمرت، فأوحى الله إليه أن اضرب بعصاك البحر، فلما ضربه انفلق وصار اثني عشر طريقاً، فانفلق وصار كل فرق كالطود العظيم، على عدد أسباط بني إسرائيل، وصار البحر يبساً لا ماء فيه، فسلكه موسى بمن معه، فلما جاوزوه وخرج آخر رجل من رجال موسى دخله فرعون وجنوده، وعندما تكاملوا أوحى الله إلى هذه الأمواج أن تتلاطم، وإلى هذا الماء أن يعلو، وإلى ذلك اليابس أن يتفتت سائلاً، فأطبق الله عليهم البحر بما فيه، وأغرقهم أجمعين، وبنو إسرائيل ينظرون إليهم، هكذا نصر الله رسوله وكليمه ومن معه من المؤمنين، وأهلك فرعون ومن معه من الكافرين، هذا حدث عظيم من أعظم أحداث التاريخ التي ثبتت وجاءت في شرعنا، ونقلت إلينا نقلاً صحيحاً، لم يتعرضها تحريف ولا تبديل، فيها العجب والعبرة والذكرى، ولكن أين المعتبرون؟!