للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[غمط المسلمين وحقوقهم]

الحمد لله وحده لا شريك له، الحمد لله القائل: {فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ} [محمد:٣٥] والقائل عز شأنه: {قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ} [التوبة:١٤] والصلاة والسلام على رسوله وسيد أنبيائه ورسله وخلقه، محمد بن عبد الله القائل: (إذا تبايعتم بالعينة، ورضيتم بالزرع، وتبعتم أذناب البقر، سلط الله عليكم ذلاً لا يرفعه عنكم حتى تراجعوا دينكم) والقائل صلى الله عليه وسلم: (ما ترك قومٌ الجهاد إلا ذلوا).

أحمد الله سبحانه حمداً يليق بجلاله، وأثني عليه الخير كله، وأزكى الصلوات والتسليمات الطيبات المتتابعات، على نبي الرحمة وإمام الهدى.

ثم أما بعد: فيا أيها المسلمون: اتقوا الله تعالى حق تقاته، ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون.

معاشر المؤمنين: في هذا العصر تتكشف أقنعة الممثلين والمزورين، الذين يدعون الوقوف إلى جانب العدل والحرية، ولكن شرط انكشاف الحقيقة أن تكون القضية متعلقة بالمسلمين، فإن كان الأمر متعلقاً باليهود أو بالنصارى أو بأعداء المسلمين على أي ملة أو فرقة، وفي أي موقع وجهة، فلك أن ترى العدل والمساواة والحرية وحقوق الإنسان، وأما إذا تعلقت القضية بالمسلمين، الذين يقولون: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ويشهدون أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم، فحينئذ ستنكشف الحقيقة، ويظهر لك تزوير العدالة، وتعتيم الحقيقة، وتضليل المساواة، وهراء دعوى حقوق الإنسان.

أيها الأحبة: في هذه الفترة يقطع المسلمون بيقين أن الأعداء من اليهود والنصارى ومن تابعهم وشايعهم ووافقهم، لا يكفيهم من المسلمين ولا يرضيهم إلا أن يروا المسلمين قطعاناً مسخرة في أرض الكفر، مستعبدين لا يعترضون على جور، ولا يطالبون بحق {وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ} [البقرة:١٢٠].

واسمحوا لي أن أنقلكم نقلة إلى أرض ملتهبة على سطح جليدي بارد، حيث الجمهوريات الإسلامية، وما أمرها عنكم بخفي، لقد طالبت جمهوريات المسلمين باستقلالها وطالب غيرهم، فنالت لتوانيا وغيرها، وكل جمهورية نصرانية أو ملحدة أو وثنية نالت استقلالها فوراً، وعلى ترحيب سريع ومبادرة واتفاق لم تطلق في سبيل ذلك طلقة، ولم يعجم لذلك فم، ولم يكتم في ذلك نفس، وإنما نال الكفار حقوقهم بمجرد الطلب، بل بالإشارة.

لقد طالبت جمهوريات المسلمين باستقلالها، بعد تهلهل الاتحاد السوفيتي وبعد سقوطه، وبقي الاتحاد الروسي فنال كل نصراني حقه، وتبوأ كل يهودي موقعة، بكل قناعة وعدالة ديمقراطية نسبية، لكن هذه الديمقراطية الفضفاضة لم تتسع للمسلمين، بل ضاقت جنباتها، وشرغ حلقها بنفس المسلمين وريقهم.

لقد ضاقت هذه الديمقراطية بحق أدنى مسلم، أو أصغر مسلم يريد أن يبني مسجداً يركع ويسجد لله فيه، وضاقت جنباتها على كل مسلم يلتمس مصحفاً يتدبر فيه كلام الله، أو يربي ولده على هدي نبيه صلى الله عليه وسلم، وضاقت جنباتها بكل المسلمين، أو بأي جماعة من المسلمين حينما يريدون أن يحكم حياتهم شريعة ربهم عز وجل.

ولا أخالكم الآن تفكرون إلا في قضية الشيشان والبوسنة والهرسك بالتبع، ويلحقها قضايا المسلمين الأخرى في كل مكان، لماذا يرفض الغربيون الكذب والخداع، وتظهر الفضائح في وكالات الإعلام الغربية لكل من خادع الشعوب الغربية؟ يرفض الغربيون الكذب والخداع في إطار مصالحهم، ويشنع إعلامهم وتنبح صحافتهم على كل من خدعهم، في استراتيجياتهم ومستقبل مصالحهم، لكن هذا الإعلام النابح لا يتردد عن أن يعتم عن الحقائق ويضلل المعلومات حينما تمت إلى المسلمين بأدنى صلة.