للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أهمية خطبة الجمعة ودورها في الدعوة]

فعلى سبيل المثال لا الحصر: هناك خطبة الجمعة، وما أدراك ما خطبة الجمعة؟ إنها من أجل وأرقى وأعلى وأسمى وأهم مجالات الدعوة إلى الله عز وجل، ولو أننا تواصينا مع خطبائنا، ومع الذين يعتلون المنابر في مجتمعاتنا بالعناية بها، بتقديم الفائدة، واقتراح الموضوع، وتحديد العناصر، وتقريب الكلمة، والمعنى والقضية، واقترحنا عليهم ما يهم، لكان في ذلك خيرٌ عظيمٌ.

إن خطبة الجمعة حضورها واجبٌ، والإنصات لها واجب، ويحضرها من لا يحضر الدروس والمحاضرات، ويحضرها من لا يقرأ الكتاب، ولا يسمع الشريط، بل يحضرها من قد لا يصلي الصلوات الخمس مع الجماعة، فأهم جمهور، وأهم المستمعين لمادة الدعوة وقضايا الدعوة هم المصلون يوم الجمعة، فالعناية بهذا الأمر مهمٌ جداً.

وإني لأعجب أن أجد كثيراً من الإخوة ربما يهتم أحدهم بالمحاضرة اهتماماً لا يهتمه لخطبة الجمعة، وأرى أن ذلك من عدم فهم الأولويات وترتيبها، بل لو قال قائل: إنني مشغول بالجمعة، ولا أرى شغلاً بغيرها، قلنا: ليس هذا ببدع، ولا غريب، ولا عجيب، فهي مجال مهم، إنها رسالة إلى جميع الناس في ساعة واحدة في زمن معين، لا تجد ذلك في دين من الأديان، ولا في عقيدة من العقائد، هبوني وأروني واذكروا لي ملة، أو ديانة، أوحزباً، أو مذهباً، أو طائفة تستطيع أن تجمع أتباعها وأنصارها ومؤيديها ومعتنقيها في ساعة على وجه الأرض أو المعمورة، لا تجد ذلك، لكن في هذا الدين تجد ذلك.

خذ على سبيل المثال: ترى في هذه البلاد في المملكة العربية السعودية من الشمال في أقصى طريف والقريات إلى الجنوب في آخر شرورة ونجران وما وراءها، ستجد أنه من الساعة الثانية عشر إلا ربع مثلاً إلى الساعة الواحدة إلا ربع الناس كلهم في المسجد، هذا مؤتمر خطير، واجتماع خطير، وهذه مسألة مهمة، وهذا حشد لا يمكن أن يحققه الإنسان بالإعلانات على المحاضرات، ولا بالدعوة إليه عبر الإذاعة، أو عبر وسائل الإعلام، لكنه يتحقق بحي على الصلاة حي على الفلاح، فيتحقق هذا الاجتماع العظيم الكبير، ثم لا نجد كثيراً من إخواننا يهتم بهذا الاجتماع ويعطيه حقه، أو يوفيه قدره، أو ينزله مكانته التي ينبغي أن يُنزل إياها.

قد يقول أحدكم الآن: لو كان الحضور من خطباء الجمع لكان هذا سائغاً.

أقول: نعم يا أخي الحبيب.

في الحضور من هم من الخطباء، وأنتم ممن يصلون مع الخطباء، فإذا كنا جميعاً نعتني بهذه الخطبة، ونعين الخطيب على تحضيرها وإعدادها وأدائها، وتقديم الأفكار والعناصر، واقتراح الموضوعات المناسبة، وتقريب ما يعينك في الخطبة، القضية الواحدة التي تطرح في الخطبة تحتاج إلى الأدلة من القرآن والسنة، وإلى الكلام من سير السلف والصالحين، وإلى القصص الواقعة الحادثة في هذا الصدد، وإلى شيء من العناية بسبك العبارة والأسلوب، فلو أننا اعتنينا واعتنت كل مجموعة منا بخطيب حيهم وإمام حارتهم مثلاً، وأعانوه على إعداد هذه الخطبة؛ لكُنا نحن وهذا الخطيب شركاء في الأجر العظيم حينما يقول خطبة تربوية نافعة تدعو العباد إلى عبادة الله وحده لا شريك له، وتدعو العباد إلى نبذ الغفلة والضلالة والهوى، والعودة إلى الاستقامة والجد والاجتهاد في الطاعة، نشترك معه في الأجر والثواب، ولا أظن أن عاقلاً يأنف أو يستنكف أن يقبل نصيحةً تأتيه من أحد إخوانه، بل علينا أن نعلن وأن نفتح هذا الباب لمن كان عنده نصيحة في أمر ينفع المسلمين.

والخطيب مسئول عن هذه الكلمة، ومحاسبٌ عليها في الدنيا والأخرى، لكن هذا لا يمنع من أن نعينه وأن نقدم له الأفكار المهمة سواءً بالعناصر المحررة، أو بالأرقام والحسابات والإحصائيات، كل ذلك أيها الأحبة نافع ومهم، ويحول هذا الاجتماع الأسبوعي في ساعة واحدة على مستوى هذه المملكة بكاملها إلى اجتماع يطرح قضايا مهمة وعالية وجيدة جداً، أنا لا أقول: جميع الذين يخطبون لا يعتنون بذلك حاشا وكلا، بل الكثير والكثير من إخواننا ومشايخنا وخطبائنا يعتنون، لكن هذا أيضاً لا يعني أنه لا يوجد من لا يبالي، أو لا يعتني، أو لا يهتم، فواجبنا أن نهتم بهذا الموضوع، وأن نعتني به غاية العناية، فهو من أكبر وأضخم وأهم، بل وأخطر مجالات الدعوة هي خطبة الجمعة، فألا من مشمرٍ ومهتمٍ ومعتنٍ بهذه القضية.