للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[وجوب مناصرة المجاهدين في أفغانستان]

الحمد لله منزل الكتاب، وهازم الأحزاب، ومنشئ السحاب، وخالق خلقه من تراب، نحمده سبحانه لا إله إلا هو عليه توكلت وإليه مآب، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.

عباد الله: اتقوا الله تعالى حق التقوى، تمسكوا بشريعة الإسلام، وعضوا بالنواجذ على العروة الوثقى، اعلموا أن خير الكلام كلام الله، وخير الهدي هدي محمدٍ صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثةٍ بدعة، وكل بدعةٍ في الدين ضلاله، وكل ضلالةٍ في النار، وعليكم بجماعة المسلمين فإن يد الله مع الجماعة، ومن شذ شذ في النار، عياذاً بالله من ذلك.

أيها الأحبة في الله: إن الأوضاع الدولية المحيطة بـ أفغانستان، لهي والله لا تبشر بخيرٍ في هذه الأيام، فأنتم تعرفون دولةً كانت هي المنفذ والمعبر الرئيسي لدخول المؤن والعدد والعتاد لإخوانكم المجاهدين، قد تغير نظام الحكم فيها، ونسأل الله جل وعلا ألا يكون هذا التغير سبب شؤمٍ أو نذير خطرٍ على إخواننا في أفغانستان، وإن كنا لا نشك أن من سلف خير ممن أتى، إن حكومة ضياء الحق رحمه الله رحمةً واسعة، وأدخله فسيح جناته، ورفع منازله وعظم أجره، ونور ضريحه، إن ذلك الرجل كان أُماً حانيةً على الجهاد، وأباً شفيقاً بالمجاهدين، وكانت أرضه مأوى للمهاجرين، والضعفاء والأبرياء والمساكين، والآن لا ندري ما هو شأن أولئك بعد أن تغير النظام هناك، إلا أننا لا نجزم بشرٍ أو بخير، ونسأل الله جل وعلا أن يحسن الأوضاع لصالح إخواننا المجاهدين.

أيها الإخوة: من لإخوانكم إلا أنتم، أتنتظرون الدعم من دولةٍ وثنية مجاورة؟! أننتظر الدعم لإخواننا من دولةٍ وثنية؟! أو من دولةٍ شيعية؟! أو من دولةٍ روسية؟! أو من دولةٍ مضطربة؟! والله ثم والله! ووالله وتالله وبالله! ليس لإخوانكم بعد الله إلا أنتم، إن كانوا في خيرٍ فالفضل لله وحده، ثم لدعمكم، ثم لوقوفكم، ثم لجهادكم بأموالكم وأنفسكم، فلا تتركوا إخوانكم في نهاية المطاف، وخاتمة المصير، لا تبخلوا معاشر المؤمنين، فإن واقع التبرعات يشهد أنها انخفضت إلى حد النصف -ولا حول ولا قوة إلا بالله- في ظروفٍ تخلت فيها الدول أجمع إلا هذه الدولة، في ظروفٍ تخلت فيها فيها الأمم أجمع إلا هذه الأمة، نسأل الله جل وعلا أن يجعل ذلك في موازينها ورفعةً لدرجات ولاة أمرها وحكامها، ودفعاً للبلاء عن المسلمين أجمعين.

أيها الأحبة: الطقس بارد، والجليد شديد، والثلج منهمر، والدماء لا زالت تسيل، والمدافع لا زالت تتحدث، والنيران لا زالت تنثر حممها على المخيمات والأبرياء والمدن، لا زال الجهاد بل عاد أشد مما مضى، وهي شنشنة أخزمية، وهي طريقةٌ معروفة في بداية الشتاء من كل فصل، ينزل الاتحاد السوفيتي جام غضبه، وحمم نيرانه على المجاهدين في الظروف الباردة التي لا يستطيعون أن يتنقلوا فيها بطلاقة.

فيا عباد الله: إن إخوانكم بأمس الحاجة؛ ما ظنك بريالٍ تدفعه يموت به شيوعيٌ من الملاحدة، ما ظنك بدينارٍ تقدمه يبني ثكنة لإخوانك المجاهدين، ما ظنك بقرشٍ تقدمه يقدم لقمةً لجائع من الجائعين، ولمهاجرٍ من المهاجرين.

أيها الأحبة في الله: إن الذين يتفرجون على كربة إخوانهم يدفعون الغرامة ضعفين، فلا تتفرجوا فتدفعوا، ولا تسكتوا فتبتلوا، وتذكروا قول الله جل وعلا: {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [الأنفال:٢٥].

ساعدوا إخوانكم وتذكروا قول ربكم: {وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ} [آل عمران:١٤٠] الزمان دُولة، والأرض دول، والأمم دول:

لكل شيءٍ إذا ما تم نقصان فلا يغر بطيب العيش إنسانُ

هي الحياة كما شاهدتها دولٌ من سره زمنٌ ساءته أزمانُ

وهذه الدار لا تبقي على أحدٍ ولا يدوم على حالٍ لها شانُ

يا راتعين وراء البحر في دعةٍ لكم بأوطانكم عزٌ وسلطان

أعندكم نبأٌ عن شأن إخوتنا فقد سرى بحديث القوم ركبانُ

يا رب أمٍ وطفلٍ حيل بينهما كما تفرق أرواحٌ وأبدانُ

وطفلة ما رأتها الشمس إذ بزغت كأنما هي يا قوتٌ ومرجانُ

يقودها العلج للمكروه مكرهةً والعين باكيةٌ والقلب حيرانُ

لمثل هذا يذوب القلبُ من كمدٍ إن كان في القلب إسلامٌ وإيمانُ

أناسٌ يسهرون على الأفلام والمسلسلات، وأناسٌ يبيتون على قصف المدافع والطائرات.

أناسٌ يتقلبون في الحرير، وأناسٌ يتلمظون أشواك القتاد.

أناسٌ يشكون التخمة، ويعالجون أمراض السمنة، وأناسٌ يتضورون جوعاً، ويموتون ضمأً.

أناسٌ يصمتون العرق عن جباههم من كثرة ملابسهم، ومشالحهم، وكنابلهم، وبطانياتهم، ومفارشهم، وأناسٌ يتقلبون في البرد القارس.

أناسٌ يضيعون في دورهم ومنازلهم وقصورهم، وأناسٌ تخرق الريح جنبات خيامهم.

عباد الله: أين قلوب المؤمنين عن واقع الجهاد؟! أين قلوب المسلمين عن إخوانهم؟! والله ثم والله! إن واحداً ممن أصيب جاء إلى هنا ليعالج -من يومين فقط، يوم الأربعاء، قبل أمس بالضبط- فجاءه الخبر أن أسرته قد ماتوا جميعاً من جراء قصف الطائرات، أمه وأبوه وإخوانه، الأطفال والبنات والفتيات، فلم يستطع أن يبقى، ويصيح ويقول: أخرجوني سأعود إلى أرض الجهاد، لا أريد علاجاً، لا أريد دواءً، لا أريد مئونةً، أريد أن أريق الدم على أرض الجهاد.

إن إخوانكم في شأنٍ وفي محنةٍ وفي كربةٍ عظيمة لا يعلمها إلا الله، إن كنتم تتألمون لواحدٍ ممن تعرفونه وهو مسجون هناك أو سجينٌ هنا، فإن السجين هنا، إن كان لحقٍ أو لغرامةٍ مالية لا خوف على روحه؛ ولا يموت جوعاً ولا يشكو برداً، أما أولئك والله فمن كل شيءٍ يشكون، ومن كل صغيرٍ يتألمون، ولكل قليلٍ يحتاجون؛ بحاجةٍ إلى الدواء، بحاجةٍ إلى الكساء، بحاجةٍ إلى الطعام، بحاجةٍ إلى كل جهدٍ منكم يا عباد الله.

ما بالنا وما حالنا، يسألنا الله جل وعلا في زمان عطّل فيه الجهاد، ورفع الأفغان فيه راية الجهاد: يا عبادي! ماذا قدمتم لإخوانكم؟ ما هي حميتكم لأبناء دينكم؟ فنقول: ضاعت الليالي في المسلسلات، أم مضت في المباريات، أم انتهت في المأكولات والمشروبات، يا خزية الجواب؟ ويا ضيعة السؤال! ويا محنة الإجابة! يوم نسأل عن إخواننا أمام الله جل وعلا.

أيها الأحبة: والله إنها لأحوالٌ دامية، لقد ذهبت إلى إخوانكم في بداية محرم الذي مضى، والله ما كنت أحب أن أخبركم بهذا، لكن الواقع يشهد أن الجراح أليمة، كيف ينتقلون بمدفعيةٍ صغيرةٍ إلى جبهةٍ من الجبهات، يفككونها قطعةٍ قطعة، ويحملونها على أكتافهم، ويمشون على الجبل سبع ساعاتٍ يوماً، ويوماً وليلة، لكي ينصبوا المدفعية الصغيرة التي تطلق شراراً صغيراً، يحاربون به طائرة الميج، أو طائرة السوخوي، أو صواريخ اسكود، إن الكفة ليست متوازنة، لكنها من عند الله راجحة ومنتصرة وغالبةٌ وقوية، في فجر هذا اليوم، اتصل مندوب الجهاد للشيخ سياف وسأله عن الأوضاع، قال: والله! إن أوضاعنا سيئة، وأحوالنا والله سيئةٌ جداً، لكننا في أتم الثقة أن إذا انقطعت أسباب البشر انفتحت أسباب السماء، وإذا أغلقت أبواب البشر انفتحت أبواب الدعاء، وإذا انقطعت المؤن من الأرض توالت المؤن من الله جل وعلا.

وهذا يقوله بلسانه، وهذا امتحانٌ لنا ولإخواننا.

نعم أيها الأحبة: إنه امتحان للمجاهدين في ثباتهم: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ} [البقرة:٢١٤].

أيها الأحبة: إنني أدعوكم وأخاطبُ فيكم حمية الإيمان، وأخاطب فيكم فطرة الإسلام، وأخاطب دماً أصيلاً ينبض في قلوبكم، ويجري في عروقكم، أن تنفضوا جيوبكم لإخوانكم، وأن تقدموا دعمكم وتبرعاتكم، ومن لا يجد اليوم شيئاً فليأتِ به في غد، ومن لم يجد في غد فليأتِ به بعد غد، إننا في حالة نفير، إننا في حالة استنفار، إنها حالة طوارئ، فكلٌ يقدم لإخوانه، ووالله لا خير فينا إن لم نقف لإخواننا، كم بذل النصارى لنصرانيتهم؟ كم بذل اليهود ليهوديتهم؟ كم بذل الفجار لفسقهم؟ كم بذل الكفار لفسادهم؟ ماذا تبذلون لدينكم؟! ماذا تقدمون لإخوانكم؟ ماذا تقدمون من مالكم؟ أيكون الريال أغلى من روح تطير في سبيل الله؟! أيكون الدينار أغلى عليكم من الأشلاء والأيدي والأرجل والأقدام؟! أتنتهك النساء، أيفعل الزنا بالبريئات جهاراً نهاراً وأنتم ها هنا في دعةٍ واستقرار؟!! فاتقوا الله في حال إخوانكم، ولتسألن والله عنهم.

اللهم انصرهم، اللهم انصرهم، اللهم انصرهم، اللهم أنزل السكينة على قلوبهم، اللهم ثبت أقدامهم، اللهم انقطعت أسبابنا وبقيت أسبابك يا رب السماوات والأرض، اللهم أغلقت أبوابنا وتفتحت أبوابك يا رب السماوات والأرض، اللهم انقطع الأمل في كل مخلوق، والأمل فيك باق لا يزول يا رب العالمين، اللهم لا تكل إخواننا إلينا، اللهم لا تكلهم إلى بشر، اللهم كلهم إلى قوتك ودعمك وفضلك ومنّك يا رب العالمين، اللهم إنَّا نشكو إليك قلة حيلتهم، وفقر جيوبهم، وضعف أبدانهم، وقلة سلاحهم، وندرة طعامهم وشرابهم، والبرد القارس في بلادهم، اللهم آمن روعاتهم، وثبت أقدامهم، واجمع شملهم، ووحد صفوفهم، اللهم عجل بشائر نصرهم، اللهم أهلك عدوهم، اللهم عليك بـ الملاحدة الذين لا يعترفون بوجودك، اللهم عليك بالشيوعيين وأذنابهم، اللهم عليك باليهود وأعوانهم، اللهم ارفع الكربة عن إخواننا في أفغانستان، اللهم عجل نصرهم، وأقم دولتهم.

أيها الأحبة: إنها الضربة الأخيرة! إنها الهجمة الخاتمة! إن لم نقف معهم فمن يقف معهم؟؟! اللهم انص