للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[المسلم يختلف عن الكافر في أمور عديدة]

يا أحباب! نحن ولله الحمد نختلف عن غيرنا، فعندنا غاية سامية عظيمة، لكن كما قلت لكم: هؤلاء الغربيون ليس عندهم غايات يعيشون من أجلها.

تجد الواحد يمسك الحديقة من أولها إلى آخرها ويركض ويركض، ويسمن هذا الجسم، ولكن مصير هذا الجسم إلى جهنم وساءت مصيراً إن مات على الكفر، ولكن الواحد منا يأكل؛ لكي يتعبد الله عز وجل، يأكل لينشط، فإذا أصبح نشيطاً صار قوياً على طاعة الله وعبادته، لكن هذا يأكل من أجل أن يهدر ويخور كما يخور الثور.

انظر العجائب التي يحققونها، أحدهم يحاول أن يسجل رقماً قياسياً في الأكل، هذا ضرب الرقم القياسي في أكل مائتي بيضة، وقد جاء منافس جديد وحطم الرقم القياسي فأكل مائتي بيضة وواحد بيضة وصفار، وبعد ذلك يأتي واحد ثالث أو امرأة تحطم الرقم القياسي وتأكل مائتين وثلاث بيضات، ويسجل الرقم القياسي في أكل البيض لفلان، ويسجل الرقم القياسي لرفع الأثقال، لكن الفرق بينكم وبين هؤلاء الحمير والبهائم في الغرب أنكم ولله الحمد والمنة الواحد منكم إذا قلنا له افعل كذا يقول: لماذا؟ ما هي الغاية؟ ما هو الهدف ما هو المقصود؟ لكن هؤلاء الغرب يهم الواحد أن يسجل الرقم القياسي.

ومن المضحكات ما قرأت في جريدة أن رجلاً استطاع -أظنه أمريكياً- أن يحطم الرقم القياسي في أطول ساعات الكلام: الذي ضرب الرقم القياسي ثلاث ساعات، والذي تكلم ثلاث ساعات وعشر دقائق هذا جاء وضرب الرقم القياسي وتكلم خمس ساعات أو ست ساعات وحطم الرقم القياسي.

والواحد منكم يا شباب، إذا قال سبحان الله، كتبتها الملائكة له، إذا قال الحمد لله كتبتها الملائكة، إذا قال: الله أكبر كتبها الملائكة، إذا قال: لا إله إلا الله كتبتها الملائكة في موازين أعماله، لكن هذا الذي حطم الرقم القياسي في الكلام يرغي ويزبد، خمس ساعات لا يكتب له شيء؟ ولذلك الفرق كما أقول: وينبغي أن يعرف المسلم قيمته والفرق بينه وبين الكافر، وحتى تعرف قيمتك وقدرك يا أخي! ومشكلتنا يا شباب: أن الشباب المسلم حتى الآن لم يعرفوا قدرهم ووزنهم في الإسلام، وما عرفوا أن عزتهم بالإسلام.

يا أخي: أنت عزيز عزة عظيمة، يكفيك أن الواحد من المسلمين لو أصابه حادث ومات، تدفع ديته كاملة، لكن هذا الكافر تدفع نصف الدية، ولو أن مسلماً قتل كافراً فلا يقتل به حتى ولو كان عمداً وعدواناً، ينبغي أن نعرف قدرنا بالإسلام، بغض النظر عن قيمة الإنسان، نعم الإنسان له قدر في تعليمه وشهادته، وقدر في قوته المالية، وقدر في قوته العقلية، لكن هناك قدر في كونك مسلماً، وكثير من الشباب لا يعرفون قدرهم في الإسلام، بل بالعكس تجد بعضهم ينظر إلى نفسه نظرة هزيمة وضعف واحتقار أمام هذا الكافر، ولكن كما يقول الشاعر:

وأنت امرؤ فينا خلقت لغيرنا حياتك لا نفع وموتك فاجع

أيها الأحبة: المشكلة أن هؤلاء الغربيين الذين احتقرناهم فيما فيه الكفاية، ولكنهم حددوا أهدافاً معينة فوصلوا إليها في أمور دنياهم، هذا دخل المختبر وأغلق على نفسه الباب وقال: لن أخرج حتى أكتشف عقاراً أو مصلاً أو قطرات معينة توضع في فم الأطفال فتمنع -بإذن الله- شلل الأطفال.

وهذا دخل في المعمل وقال: لن أخرج من هذا المعمل حتى اكتشف عقاراً يعوض الأنسولين في الجسم، وهذا دخل المعمل فقال: لا أخرج حتى اكتشف دواء يعالج المرض الفلاني، وحدد هدفاً ووصل إليه، وهذا حدد هدفاً معيناً في هندسة، في تسلح، في أمور عسكرية، في طيران، في تجارة، في تخطيط، في اقتصاد، في إدارة، حددوا أهدافاً فسددوا الضربات إليها، لكن نحن وإياكم يا شباب! نشكو إلى الله عز وجل أن من شبابنا من لم يعرف الغاية التي خلق من أجلها، ومثل هذا كرجل داخل ملعب، مرة يسدد الهدف على فريقه ومرة على الفريق الثاني، لا يدري من أين يسدد؟! ومرة يضرب الحكم بالكرة ومرة يضرب الجمهور بالكرة، ومرة يضرب الذين يتفرجون، ليس عنده ضربات محددة، فهكذا الذين لا يحددون أهدافهم وغاياتهم، ومصيبة أخرى أن بعضهم حدد الهدف لكنه لم يسدد الضربات؛ ولذلك حديثنا اليوم عن نقطتين: أولاً: تحديد الهدف.

الثانية: تسديد الضربات، توجيه الجهود والقوى، الطاقات والإمكانيات وكل ما تستطيع توجيهه إلى هذا الهدف، وربما يسمع بعضكم من بعض، بعض الشباب يقول: (فلان عربجي ما يفهم) لا والله.

هذا الشاب الذي بعضكم يقول عنه عربجي لا يفهم، والله إذا من الله عليه بالهداية سترون منه العجائب والغرائب، بل أعجب العجائب.

أحدهم ممن كان يسمى (عربجي) وهو نصري ناصر (عضلات).

والمهم أنه كان في ضلاله ومضاربه ويدخل على الشاب ويحوسهم ويضربهم، ويدخل على المساكين ويأخذ دراهمهم، فمنّ الله عليه بالهداية، وليست الهداية أمراً بعيداً فأخونا نصري ناصر لما منّ الله عليه بالهداية الآن يحفظ القرآن كاملاً، منّ الله عليه برفع الغشاوة التي على قلبه، وزالت السحابة التي كانت على قلبه وانقشعت، فأبصر الأمور على حقيقتها ولم ينظر إليها بالشهوات والغفلات، فلما نظر إلى الأمور بالحقيقة حدد هدفاً في طاعة الله، وسدد الضربات نحو هدف محدد هو رضى الله في حفظ كتاب الله، اجتهد في حلقات القرآن اجتهد ليل نهار، حتى حفظ القرآن ولله الحمد والمنّة.

والآن أسرته بعد أن كانت تتعوذ منه ويتبرءون منه ويتمنون سيارة تطؤه وتريحهم منه؛ أصبحوا يفتخرون به، فقد ضرب أروع الأمثلة في الاستقامة وفي طاعة الله سبحانه وتعالى.

أيها الأحبة: كما قلت مشكلة الشباب اليوم مشكلتان الأولى: عدم تحديد الهدف.

الثانية: عدم تسديد الضربات والجهود والطاقات إلى الهدف، مثلاً بعضهم يقول: أنا حددت الهدف، سأجد واجتهد في دراستي في المعهد المهني، هذا الهدف حدده، هل سدد الضربات؟ لا.

تجده على الرصيف، أو في الحراج يميز أنواع السيارات هذه موديل كذا وهذه موديل كذا، فأين تسديد الضربات إلى الهدف الذي حدده، لم يوجه عقله وقلبه وفكره وسمعه وبصره لهذا الهدف حتى ينتجه؛ ولذلك لا يكفي أن تسجل في المعهد المهني في بداية العام، لكن يحتاج مع التسجيل مواظبة وحضور باستمرار، ومداومة ومثابرة واجتهاد حتى تخرج بنتيجة، ولا يكفي أن تقول: أنا أريد أن أتوب إلى الله، لا يكفي أن تقول أنا أريد أن أكون شاباً صالحاً ولا تسدد الضربات نحو الصلاح، لا بد أن تسدد الجهود والضربات نحو الصلاح؛ فتتخلص من وسائل المعاصي وتتجنب مجالسة أهل السوء، وتترك مجالس اللهو والمعصية، وتجد في هذا المجال؛ حتى تكون من المهتدين بإذن الله.