للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[من صور تخبط الشباب: جنون الرياضة]

أيها الأحبة: من تخبط الشباب اليوم وانصرافهم عن تسديد الهدف: جنون الرياضة، والجنون فنون، فتجد هذا الشاب إذا شجع فريقاً، يعد لك أسماء الفريق من الكابتن والحارس، والظهير، والدفاع الأيمن، والأيسر، خط الحربة، والهجوم، رأس الحربة، ويسمي الاحتياطيين ويسمي جميع الفريق، ولو قلت له عد لي عشرة من المبشرين بالجنة، أو عد صحابة رسول الله الذي فصل لك كيف تصلي، ونبيك الذي تعلمنا منه صلى الله عليه وسلم أحكام الدين، علمنا بأسماء عشرة من صحابته لم يعرف أسماء خمسة منهم، فإنا لله وإنا إليه راجعون.

تعرف أسماء لاعبين الكرة وأسماء الفنانين ولا تعرف أسماء العشرة المبشرين بالجنة، لا تعرف أسماء الصحابة، وعلماء الإسلام الأجلاء الذين كتبهم ومصنفاتهم ومؤلفاتهم بين أيدينا، كتب التشريعات المعاصرة، واستنباطات واجتهادات من تراثهم ومن علمهم المستمد من كتاب الله وسنة رسوله، ما نعرفهم ونعرف أسماء الفنانين واللاعبين.

ثم كما أقول لأحد الأقارب وهو شاب صغير عمره ست عشرة سنة من أقاربنا مجنون رياضي، يموت في الرياضة، قلت له: تعال يا ولد أنا ليس لدي سوط أضربك، والإقناع لا بد أن يكون بالحوار، والقوة لا تأتي بنتيجة، ولا ينفع إلا الحوار والنقاش، يا حبيبي أنا أسألك النادي الذي تشجعه إذا رسبت في دراستك هل ينجحونك؟ قال: لا.

قلت: إذا بقي عليك درجتان للنجاح، هل النادي يتوسط لك وتنجح؟ قال: لا.

قلت: هذا النادي إذا تخرجت من الثانوية وأردت أن تدبر لك قبولاً في جامعة من الجامعات هل يدبر لك قبولاً ومستواك ضعيف؟ قال: لا.

قلت: إذا تخرجت بلا شهادة بسبب ضياع وقتك أيام الاختبارات في تشجيع الأندية والنتيجة رسوب ولم يوظفك أحد هل النادي مستعد أن يوظفك؟ قال: لا.

فقلت له: هل النادي يصرف عليك شهرياً؟ قال: لا.

هل يصرف على أمك وأهلك؟ قال: لا.

قلت: لماذا هذا الجنون؟ لماذا كل هذا الجنون والسهر، مسمر عند شاشة التليفزيون: سدد، افعل، سجل، ناوله، ويعض أصابعه ويقرض أظفاره، وفي النهاية تجده إذا وقفت المباراة على (بلنتيات) قام وقلبه يرجف، بعضهم يقول: يا رب، فعلاً إذا جاءت في الثواني الأخيرة وبها (بلنتيات) إذا وقف، قال: هاه! ما أقدر ما أقدر هاه! أخذك الله وأراحنا من أمثالك وأشكالك.

وأنت امرؤ فينا خلقت لغيرنا حياتك لا نفع وموتك فاجع

شاب محسوب على هؤلاء السكان، تأخذ خدمات أمنية وصحية واجتماعية وتعليمية وتربوية، وجميع الخدمات تستهلكها وإنتاجك يا رب لا يسجل الهدف، هذا الإنتاج الآن.

أعود إلى صاحبنا هذا الولد الله يصلحه، قلت: يا حبيبي: إذا مرضت يشفيك هذا النادي، يعالجك هذا النادي؟ قال: لا.

إذا نزلت بك المنية تقول: يا رب ارحمني خفف علي سكرات الموت هل ينفعك هذا النادي؟ قال: لا.

إذا وقفت بين يدي الله عز وجل وسألك: (لن تزول قدما عبدٍ يوم القيامة حتى يسأل عن أربع: عن عمره فيما أفناه، وعن شبابه فيما أبلاه، وعن ماله من أين أكتسبه وفيما أنفقه) إذا وفقت يوم القيامة وسألك الله ماذا قدمت للآخرة، تقول: يا رب كنت مشجعاً أو في رابطة المشجعين، أو يا رب كنت مخلصاً في التشجيع للنادي الفلاني.

أيها الأحبة: نعم.

ممكن أن يلعب الإنسان الكرة مع زملائه، فلا بأس بها وهي رياضة، ولا بأس أن يستمتع باللعب الجميل مع الزملاء والإخوان، لكن أن تصل إلى درجة أن الواحد يظل أربعاً وعشرين ساعة في لعب الكرة ومتابعتها، وأحدهم أقسم بالله لا يدخل الموز في بيته من أجل لونه الأصفر، لأنه هلالي.

وانظر إلى أي درجة بلغ التعصب بالشباب، أنهم سددوا أهدافاً ولكن إلى غايات لا تنفعهم أبداً.