للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[السفه الذي تحياه جملة من النساء]

إن مما دعاني وحدا بي إلى الحديث معكم في هذا الموضوع والحديث إلى الأخوات ممن يسمعن ويستمعن إلى الشريط: أنني رأيت وعرفت وعلمت شريحةً كبيرةً من النساء بدلاً من أن تكون الواحدة منهن إذا أقبلت على الأربعين، أو جاوزتها في الخمسين، بدلاً من أن تتجه إلى قيام الليل، وصيام الإثنين والخميس، والصدقة وصيام الأيام البيض، وصلاة الضحى والدأب على الاستغفار، وعلى التسبيح، أراها قد عادت إلى الجنون والسفاهة، وهي كما قال القائل:

عجوزٌ تمنت أن تعود صبيةً وقد ذبل الخدان واحدودب الظهرُ

فراحت إلى العطار تبغي شبابها وهل يصلح العطار ما أفسد الدهرُ

نعم.

إني أعجب أن أرى امرأةً جاوزت الأربعين تتغنى وتتزين وتفاخر أنها ستكون عصر السبت في حديقة الحيوانات، وعصر الأحد في الملاهي، وعشاء الإثنين في حفل الزفاف، واليوم الرابع في النادي الفلاني في حفلةٍ نسائية، أين حظ العبادة من وقتها؟! أين حظ الطاعة من ساعاتها؟! أين حق القيام والتهجد من قيامها ونهارها؟! لا تجد لهذا قليلاً أو كثيراً، إلا من رحم الله منهن، وقليلٌ ما هُنَّ.

إنا لا نقول: حرامٌ على المرأة أن تحضر مناسبةً، أو أن تروح عن نفسها بشيء، ولكن امرأةً جاوزت الشباب، ودخلت في الكهولة، حريٌ بها أن تستحي، حريٌ بها أن تُقْبل نحن ما قلنا: إنها عجوزٌ قد خرفت، أو قلنا إنها قد أدبرت، ولا فائدة لزوجها منها، حاشا وكلا! فكم من امرأةٍ في هذا السن هي خيرٌ من شابةٌ في مقتبل عمرها، ولكن نقول: إن هذه المرحلة تتطلب منها إقبالاً وتوجهاً وحرصاً على العبادة، لكي يعلوها الوقار، وتتزيا بالهيبة، وتقتدي بها بناتها، وتقتدي بها جاراتها، وتقتدي بها زوجات أبنائها، تكون بهذه الحال لا أن تصبح سفيهةً مراهقة:

هَبِ الشبيبة تبدي عذر صاحبها ما بال أشيبَ يستهويه شيطانُ