للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حث على الصدقة وإخفائها]

معاشر الأخوة معاشر الشباب هل منا من خرج في الساعة المتأخرة من الليل، أو خرج في غفلة الناس في الضحى وأخذ معه كيساً من الرز، أو ذبيحة من اللحم، أو شيئاً من الدجاج، أو شيئاً من المأكولات فقصد بيتاً من بيوت الفقراء لا يعرف من هو، لا يعرف وجهه، متلثماً مستخفياً متخفياً لا يريد أن يعرف، فطرق الباب وتصدق بهذه الصدقة وذهب؟ هل منا من يفعل ذلك؟ إننا -أيها الإخوة- كما نحن بحاجة إلى أعمال علنية جماعية نتعاون فيها مع بعضنا البعض، فإننا بأمس الحاجة إلى أعمال سرية، أعمالنا السرية صدقة في السر، أن تدخل لوحدك وأن تدعو واحداً من الضلال فيما بينك وبينه لا يعرف بذلك أحد، أن تعرف فلان بن فلان من المنحرفين وأن تجتهد عليه في السر لا يعرف أحد جهودك في دعوته، وجهودك في تقويم انحرافه، فإن هذا من أعظم الأعمال التي تؤجر عليها عند الله.

والله إني لأغبط شباباً لم يعرفوا في المحاضرات، ولم يعرفوا في الندوات، ولم يعرفوا في اللقاءات، ولم يعرفوا في كثير من المنابر، ولكنهم في الدعوة أنشط منا وخير منا، وهم أتقى وأعلم وأنقى لله منا، نحسبهم كذلك ولا نزكي على الله أحداً، نغبطهم بأن أعمالهم في السر، نغبطهم بأنهم لا يعرفون، نغبطهم بأنهم إذا ذهبوا لم يفقدوا، وإذا حضروا لم يعرفوا، فذلك أدعى لإخلاصهم.

نسأل الله ألا يفسد أعمالنا وأعمالكم بالرياء أو السمعة.