للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الأمن نعمة يقذفها الله في القلوب نتيجة العبادة]

معاشر المؤمنين: اعلموا أن الأمن ليس بكثرة الجنود، ولا بكثرة الأجهزة، واعلموا أن الأمن ليس بتعدد أنواع وسائل النقل أو الأخبار أو الرصد أو غير ذلك، ولكن الأمن في القلوب، الأمن نعمة يقذفها الله جل وعلا في قلوب العباد، وهذه النعمة نتيجة العبودية لله، والقيام بشرعة والدينونة بدينه وتحكيم أوامره، وتطبيق نهجه، واتباع سنة نبيه صلى الله عليه وسلم.

أيها الأحبة: أليست أمريكا أكثر الدول جيوشاً؟ أليست أكثرها أجهزة للأمن، وأدقها أجهزة لمكافحة الجريمة ومتابعة الجريمة والإنذار المبكر للجريمة؟ مع ذلك في كل دقيقة حادثة اغتصاب، وفي كل ساعة حادثة قتل، وفي كل نصف ساعة حادثة سرقة، وفي كل لحظة من لحظات الزمن يسجل التاريخ جريمةً من الجرائم، مع أنها من أرقى الدول إن لم تكن أرقى دولة في أسباب الأمن ومكافحة الجريمة! إذاً: نعلم من هذا أن الأمن ليس بكثرة الجنود ولا الرجال ولا الأجهزة، وإنما الأمن نتيجة عبادة الله جل وعلا: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} لم يظلموا أنفسهم بشركٍ، أو بظلم بعضهم بعضا، أو بظلم أنفسهم بالذنوب والمعاصي والسيئات: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ} [الأنعام:٨٢] وعرف الأمن هنا بـ (أل) التي استغرقت جميع الأمن، الأمن النفسي والعسكري والإغاثي والاجتماعي والاقتصادي، وجميع ما يصدق عليه مسمى الأمن، فإن من عبد ربه من دون وقوع في الظلم فإن له الأمن.