للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[شعارات رنانة]

يا عباد الله! لقد سمعنا قبل الاجتياح العراقي للكويت، أن العراق تلعن أمريكا صباح مساء، وتلعن الإمبريالية والرأسمالية، وتلعن البيت الأبيض، ويلعنون ويسبون ويشتمون، وظن الغوغاء والسذج والبسطاء، وروج البعثيون والحداثيون والعلمانيون، وكل من لا يرفع بهذا الدين رأساً، نوهوا ورددوا ورفعوا هذه القيادة الغاشمة، ومجدوها عبر الصحف والمجلات، حتى قالت كاتبة عاهرة: (أتمنى أن أحلم بـ صدام في المنام ولو لحظة من اللحظات) والآخرون في صحفهم وفي مجلاتهم صفحتين تجدها لقادتهم ولشئون بلادهم، وباقي الصحف كلها تمجيد في بطل الفاو وصدام القادسية، ماذا ننتظر وقد صنعنا بأيدينا صنماً من الشمع، انكشفت حقيقته عن حرارة الفتنة؟ يا عباد الله: أين تلك الصيحات التي تنادي بالعداوة لـ أمريكا والبيت الأبيض؟ أين تلك الصيحات التي هددت إسرائيل بالكيماوي وصواريخ الاسكود المزودة بالرءوس النووية؟ أين المزدوج؟ أين القنابل؟ أين تلك الشعارات وذلك التهديد والدعاء بالويل والثبور، وتريثاً لانتظار المرحلة الحاسمة بين العراق وإسرائيل؟ وبينما الأمة الغافلة الجاهلة الغبية في انتظار لموقعة بين إسرائيل والعراق، إذا هي بمفاجئة باقتحام واجتياح لأرض مسلمة في الكويت.

هكذا يلعب الإعلام ويطبل على الشعوب، هكذا يسخر الإعلام بعقول البشر، هكذا يسخر الإعلام العالمي بالغوغاء والشعوب، يقوم حاكم ثم يلعن الذي قبله، ويقول: لقد ظلمكم وفعل بكم، لقد أذاقكم الجوع، وألبسكم العري، وذوقكم المرض، وأما حكومته المزعومة فيعد بأن تفعل وستفعل، ستوجد فرصاً للعمل، وسوف تعدل ميزان المدفوعات، ولسوف تفعل وتفعل، وإذا جنَّ المساء وجدت الحاكم الجديد ينادم الحاكم القديم في قصر من القصور يعاقرون الخمرة.

والله يا عباد الله! هذا ما يفعل في الدول العربية، كلما دخلت أمة لعنت أختها، ولكن الفرق بينهم أنهم يتلاعنون في النهار، ويتنادمون سوياً ويشربون ويطربون في الليل جميعاً، أهذه حكومات يرجى منها أن ترد للإسلام دولة؟ أهذه حكومات يرجى منها أن تطرد اليهود عن أرض فلسطين؟

يا أيها الملك الذي لمعالم الصلبان نكس

جاءت إليك ظلامةٌ تشكو من البيت المقدس

كل المساجد طهرت وأنا على شرفي أدنس

هذه رسالة من الأقصى أرسلت إلى صلاح الدين الكردي وليس العربي، أو من طنطن من البعثيين والقوميين العرب بهذه الشعارات فما زادوا الأمة إلا خبالاً، وما زادوا الأمة إلا ضعفاً وتشتيتاً.

معاشر المؤمنين: ومع هذا لا تزال آمالنا، ولا تزال آمال المسلمين تتعلق بقادة المسلمين في هذه المملكة، البلاد الوحيدة التي لازالت تحكم الإسلام على ما فينا، والكمال لله، لازالت الآمال تتعلق بهذه الأمة وبقادتها وعلمائها، عسى الله أن يبعث في هذه الأمة أمراً رشيداً يتحرر به الأقصى، وتنقلب به الموازين بمنه وكرمه إنه هو أرحم الراحمين.

معاشر المؤمنين: لقد انشغل العالم الإسلامي انشغالاً عظيماً بأحداث الخليج في وقت اجتاحت فيه تلك الطغمة البعثية الكافرة الحاقدة، في وقت شغلت بذلك الاجتياح أمة الإسلام، والناس لم يصدقوا أو يكذبوا أن ما حصل كذباً أو صدقاً، ولكن الآن نقول: أين المهيب الركن؟ أين الأماجد البعثيين؟ أين الشرفاء البعثيين الذين هددوا إسرائيل سنين طويلة؟ أين المهيب الركن الذي يريد أن يضرب أمريكا والبيت الأبيض، ويريد إن يضرب إسرائيل؟ هل يثأر لمسلمة تغتصب؟ هل يثأر لمجزرة تنتهك في بيت المقدس وفي مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ ولكن يا عباد الله! إنه مخطط ومؤامرة لتصفية القضية في هذه الظروف، والله لو تأملتم تاريخ إسرائيل وما يدور في أرض المسلمين، إسرائيل كطغمة أو كنظام في الهواء لا وجود له في عقيدتنا، لأن الذي هو زائل لا محالة لا وجود له ولا بقاء، لو تأملنا ما يدور، لوجدنا أن كل ضربة سواءً في الخليج أو أفغانستان أو في أي مكان، يقابلها عمل بصمت وتوطين سريع، وتهجير لليهود من أنحاء العالم في المستوطنات الفلسطينية التي شغل المسلمون عنها وعن متابعتها.

وفي هذا الزمان أصبح الحديث عن فلسطين أمراً مملاً عند كثير من المسلمين، لأنهم منذ ستين سنة وهم يسمعون أن فلسطين ستحرر بالمنظمات والشعارات والقيادات.

فوق التل وتحت التل

وعن يمينه وعن شماله

قادمٌ بدبابة قادمٌ بطائرة وما رأينا ذبابة

ما رأينا شيئاً أبداً، أين الصيحات والشعارات؟ وأين أموال المنظمة التي بلغت المليارات؟ أين أموالها لكي تساند الجهاد في فلسطين؟ لكي تدعم قوة حماس؟ أين تلك الأموال التي ضاعت في تجارات الله أعلم بها؟ ومن هو الذي يثري على حسابها؟ ولكن يا عباد الله إنه النفاق، إنه سكوت الأمة على ما يدور بها، وعلى ما يدبر لها، إنه الوهن وحب الدنيا وكراهية الموت، نسأل الله أن يرفع البلاء عن المسلمين، وأن يعز الإسلام والمسلمين، وأن يدمر بمنه وقوته وقدرته أعداء الدين.

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه من كل ذنب إنه هو الغفور الرحيم، والتائب من الذنب كما لا ذنب له.