للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[شاب صدق الله فصدقه]

معاشر المؤمنين: إن هذه الأمة تحتاج إلى عقيدة وقيادة تستنفر جميع المسلمين: {انْفِرُوا خِفَافاً وَثِقَالاً} [التوبة:٤١] نريد أمة مستنفرة، نريد أمة كتلك الأمة التي دعا قائد الجهاد دعوته في المسلمين، فلما جنَّ الليل إذ بامرأة تطرق الباب عليه، وتقول: افتح أيها القائد، وهو يقول: من في الباب؟ فتقول: افتح أيها القائد، فقدمت له شيئاً قد لف في قماش، فقالت: دعوت المسلمين وتلوت قول الله: {انْفِرُوا خِفَافاً وَثِقَالاً} [التوبة:٤١] وأنا امرأة كبيرة طاعنة، وليس عندي إلا شعري هذا حلقته وجدلته، وجعلت منه لجاماً لفرسك عسى أن أكون بذلك قد نصرت مع المسلمين بما بين يدي، فلما فتح هذا القماش وجد فيه ما ذكرت.

ولما كان في الجيش، إذ بشاب صغير من أبناء المسلمين، وإذ به يتقدم الصفوف ومعه قوس وسهام، وكان مسدد السهم والرمي، فكان يرمي فما رمى سهماً إلا نزل في قلب كافر من الكفار، فعجب الكفار من ذا الذي يصوبهم بالرمي والسهام؟! حتى اجتهدوا في تحديد مكانه، فصوبوا عليه، ثم أصابه سهمٌ في قلبه، فسقط، فقام ذلك القائد وأخذ الشاب، ثم دفنه، ثم عاد مرة أخرى يحمل على العدو، فلما كرَّ مرة أخرى إذ بالأرض قد لفظت هذا الصبي، وخرج ذلك الصبي على وجه الأرض، فعاد وقال: لعل شيئاً من السباع جره أو أخرجه، فعاد ودفنه مرة أخرى، ثم التحم مع العدو، فلما كرَّ مرة أخرى، إذ به يرى جثة الصبي فوق الأرض، ثم عاد ودفنه ثالثة، ثم كر، ولما عاد إذ بالصبي حوله عدد من السباع والطيور الجارحة، وكل سبع وطير في فمه قطعت من جسد ذلك الشاب، فكان أمره عجيباً وكان شأنه غريباً.

فلما انتهت المعركة وقد نصره الله، أخذ متاعه ومزادته، وسأل هذه لمن، ولبيت من؟ فعاد بها وإذا بهذه المزادة وهذا المتاع الذي للطفل أمه تلك المرأة التي قدمت ضفيرتها لجاماً لفرس القائد، فقال لها: أسألك بالله يا أمة الله ما الذي كان يصنع ولدك؟ فسألته هل دفنت ولدي؟ قال: دفنته، قالت: ثم ماذا؟ قال: ثم لفظته الأرض، قالت: ودفنته، قال: فدنته ثم لفظته الأرض، أسألك بالله أي أمر هذا؟ قالت: والله إنه استحلفنا ألا نخبر بشأنه إلا إن كتب الله له الشهادة، ثم جاءت بمسوح وصوف وأمور عجيبة وقدمتها بين يدي القائد، قالت: إن هذا الصبي كان إذا جن الليل جعل أغلالاً في رجليه، ولبس هذا الصوف وهذا المسوح وأخذ يتضرع ويبكي ويتهجد، وهو يقول: اللهم احشرني في حواصل الطير وأجواف السباع، قال: والله يا أمة الله ما جئت الكرة الثالثة إلا وفي منقار كل طير، وفي فم كل سبع قطعة من أشلاء ولدك، فقالت: الحمد لله الذي استجاب دعوته عله أن يكون شفيعاً لنا يوم القيامة.

بهذا أيها المسلمون! تنتصر الأمة، لا تنتصر الأمة بالأغاني أو بالمهرجانات أو بالفن أو بالطرب، أو بالتمثيل أو بالمسارح، أو بتلك الأمور التي خدرت المسلمين تخديراً طويلاً، وأولئك يلعنون ويسبون ويشتمون اليهود، وهم أذناب وعملاء لليهود.

إن الأمة في هذا الزمان تريد نفيراً عاماً كلٌ بما يستطيع، بنفسه وبماله، أليست امرأة قدمت ضفيرتها؟ ونحن ماذا قدمنا لـ فلسطين، وأفغانستان، والأكراد في حلبجة؟ ماذا قدمنا لشعوب العالم الإسلامي؟ كثيرٌ وكثيرٌ من المسلمين هم كل واحد منهم أن يملأ بطنه وأن يقر عينه وأن ينام هادئاً، وأن يصبح عادياً لم يغير شيئاً ولم يقدم غيره.