للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تأويل الخضر لخرق السفينة]

{أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً} [الكهف:٧٩] وفي قراءة لأحد الصحابة في مصحف أحدهم: ((وكان أمامهم ملكٌ ظالمٌ يأخذ كل سفينة صالحة غصباً)).

فكان فعل الخضر: أن خرق السفينة لما اقتلع لوحاً من ألواحها بالقدوم، وإن كان ظاهر الأمر مصيبة إلا أن باطنه فيه مصلحة لأولئك الغلمان، قيل: كان عددهم عشرة، خمسٌ منهم زمنى -أي: مرضى- لا يستطيعون العمل، والخمسة الآخرون هم القادرون على العمل، فكان فعل الخضر عليه السلام من خرق السفينة لم يكن ذلك لإغراق أهلها، وإنما كان ذلك لصرف الملك، ألا يأخذ سفينتهم؛ لأن السفينة لو وصلت إلى شاطئ الأمان ووجدها ذلك الملك صالحة لصادرها ولأخذها ولاستولى عليها بالكلية، فكان قدر الله جل وعلا على يد الخضر أن خرق هذه السفينة حتى إذا وصلت إلى مكانها يراها أعوان الملك وجلاوزته فاسدة قد خرقت فيدعونها ولا يأخذونها، وتكون من حظ أولئك الغلمان.

إذاً: فظاهر المصيبة -يا عباد الله- قد يكون مراً، قد يكون صعباً، قد يكون عجيباً، لكنه في حقيقته عين الرحمة والعطف، والرأفة، والحكمة والعلم، والله عليمٌ حكيم.