للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[العز في كنف العزيز]

الحمد لله حمداً يليق بجلال وجهه وعظيم سلطانه، أحمده سبحانه هو الأول فليس قبله شيء، وهو الآخر فليس بعده شيء، وهو الظاهر فليس فوقه شيء، وهو الباطن فليس دونه شيء، وهو على كل شيء قدير، لا يعزب عن علمه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء، ولا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء، الأرض جميعاً قبضته يوم القيامة، والسماوات مطويات بيمينه، وسع علمه السماوات والأرض ولا يؤوده حفظهما وهو العلي العظيم، مالك الملك يؤتي الملك من يشاء، وينزع الملك ممن يشاء، ويعز من يشاء، ويذل من يشاء، بيده الخير وهو على كل شيء قدير.

وأشهد أن لا إله إلا هو وحده لا شريك له، واحدٌ في ربوبيته فالأمر والخلق له وحده، والتصرف في هذا الكون بيده، ولو أجمعت قوى الأرض وكان بعضهم لبعض ظهيراً على أن يقدموا شيئاً أخره الله، أو أن يؤخروا شيئاً قدمه الله، أو أن يعطوا بشراً منعه الله، أو أن يمنعوا بشراً أعطاه الله، لما استطاعوا إلى ذلك سبيلاً، وربنا واحد في ألوهيته، فكل أنواع العبادة له وحده، وواحد في أسمائه وصفاته، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده، وتركنا على البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.

عباد الله: اتقوا الله تعالى حق التقوى: {وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ} [النساء:١٣١].

معاشر المؤمنين: اسمعوا قول ربكم جل وعلا وهو يقول في محكم كتابه: {فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ} [محمد:٣٥] ويقول جل وعلا: {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ} [المنافقون:٨] ويقول تعالى: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً} [فاطر:١٠] قال ابن كثير: من أراد العزة فليلزم طاعة الله.

أيها الأحبة في الله: عزة كل مسلم في هذا الزمان بيقينه أن الحوادث بالمقادير، وأنه لا قليل ولا كثير إلا بأمرٍ وقدرٍ من الله: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ} [الحديد:٢٢] وكل قدرٍ أياً كان فإنه لا يخلو من ثلاثة أمور كما يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: والمقادير دائرة على حكمة الله، وعلى تمام عدله، وعلى تمام رحمته.