للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[قد تصاب ولكن لا تفقد العزة]

عباد الله! أسوق هذه المسألة لأقول: إن المسلم إن أُخرج من بيته، وإن طرد من داره، وإن استبيح ماله، وإن حصل له ما حصل، فإنه لا يزال عزيزاً، العزة لا تفارقنا أينما كنا، ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين، إن الذي يقول: إن من أُخرج من بيته فقد العزة، فهو يقول عن نبيه: إن نبيه فقد العزة، وهذا لم يقل به أحد، إن نبينا يوم أن كان في مكة ويوم أن طرد منها وذهب إلى المدينة، ويوم أن أقصي وأدميت عقبه طرداً بالحجارة من الطائف كان عزيزاً.

نعم، قد يفقد النصير يوماً، قد يفقد المأوى يوماً، وقد يفقد الطعام والشراب واللباس يوماً، لكنه صلى الله عليه وسلم ما فقد عزته، وأقول لنفسي ولكم معاشر الأحبة: إن أزمة المسلمين في هذا الزمان ليست أزمة السكن أو المطعم والمشرب والملبس، إنما هي أزمة عزة.

الأزمة التي فقدت: العزة، العزة التي ذهبت أدراج الرياح، بغزوٍ وتغريبٍ وحملةٍ صليبية عبر مختلف الوسائل التي سلطها الأعداء على أبناء المسلمين، قد يفقد المسلم بيتاً، وقد يفقد داراً وأهلاً ووطناً، لكن لا يفقد عزةً لا حياة له بدونها، فإن خرجنا من الكويت، فإنا نقول:

خرجنا إلى المجد شم الأنوف كما تخرج الأسد من غابها

نمر على شفرات السيوف ونأتي المنية من بابها

ونعلم أن القضا واقعٌ وأن المنايا بأسبابها

ستعلم أمتنا أننا ركبنا الخطوب حناناً بها

فإن نلق حتفاً فيا حبذا المنايا تجيء لخطابها

والله خرجنا أعزاء، وسنعود إليها قريباً أعزاء، بمن الله وفضله وكرمه، فليكن خروجنا إعادة للبناء، وتمحيصاً للصفوف، وترتيباً للجهود، ووحدة لكل ما نبذله لصالح الإسلام والمسلمين، ولأمتنا أعزها الله وأعاد شملها وجمعها.