للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[عزة نبينا صلى الله عليه وسلم]

ومثال ذلك ما سنه نبي العزة صلى الله عليه وسلم، عزيزٌ ذلك النبي بعزة ربه وعزة منهجه وشريعته، جاءت قريش، قالوا: يا أبا طالب! إن ابنك هذا قد سب آلهتنا وسفه أحلامنا وأغرى بنا سفهاءنا، فإن كان يريد مالاً أعطيناه، وإن كان يريد ملكاً سودناه، وإن كان يريد جاهاً ملكناه، وإن كان الذي به رئي من الجن بذلنا له أسباب الطب في العرب، وإن كان يريد جمالاً زوجناه، وإلا فإنا فاعلون به ما نفعل.

فلما ذهبوا وجاء النبي صلى الله عليه وسلم إلى عمه، قال عمه: يا ابن أخي إني قائل فاسمع، إن قومك جاءوا يشكون إلي حالهم بما أغريت بهم سفهاءهم، وجرأت عليهم صبيانهم، وسببت وشتمت آلهتهم، وإنهم يعرضون عليك أمراً؛ إن كنت تريد مالاً أو جمالاً أو ملكاً أو جاهاً، فماذا فعل نبي العزة الذي امتحنت عزته بالتغريب والتهريب؟ استعبر صلى الله عليه وسلم وانحدرت من عينه قطرات كاللؤلؤ على خد شريف، وقال: (يا عم! والله لو وضعوا الشمس في يميني، والقمر في يساري، والله ما أترك هذا الأمر حتى يظهره الله أو تندق هذه السالفة) فلما رأى عمه هذه العزة فيه بكى واستعبر، وقال:

والله لن يصلوا إليك بجمعهم حتى أوسد في التراب دفينا

هذا النبي المؤمن علم كافراً عزة، إننا يا عباد الله بحاجة إلى العزة، إننا نريد أن نشم روائح العزة، إننا نريد من كل مسلم وإن كان غريباً عن الوطن وبعيداً عن الدار ونائياً عن الأهل، نريده أن يشعر أنه لم يفقد شيئاً واحداً ألا وهي العزة يا عباد الله.