للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الجنة صعبة المنال]

عباد الله: الجنة صعبة المنال على الكسالى الذين تعودوا صلاة الفجر قبل الذهاب إلى العمل بربع ساعة، الجنة صعبة المنال على الذين لا يشهدون الجماعة، الجنة صعبة المنال على الذين أكلوا الحلال والحرام، الجنة صعبة المنال على من تاجر باللهو وأشرطته، والفيديو المهدم وأفلامه، والغناء ومعازفه، الجنة صعبة المنال على الذين لا يعرفون إلا دول الخارج، وبعضهم ما حج حتى الآن، وما اعتمر حتى الآن، الجنة صعبة المنال على الذين لا يذكرون الله.

يا سلعة الرحمن لست رخيصةً بل أنت غاليةٌ على الكسلانِ

يا سلعة الرحمن ليس ينالها في الألف إلا واحدٌ لا اثنانِ

يا سلعة الرحمن كيف تصبر الخطاب عنك وهم ذوو إيمانِ

أتؤمنون بالموت؟ أتؤمنون بالقبر؟ أتؤمنون باللحد؟ أتؤمنون بمسائلة منكر ونكير؟ أتؤمنون بوقوف الخلائق عند الله يوم القيامة؟ أتؤمنون بالصراط أدق من الشعرة وأحد من السيف، وعلى جنباته كلاليب جهنم؟ أتؤمنون بأن العباد يمرون عليه كالبرق الخاطف، أو كأجاويد الخيل، أو كمشي الرجال، أو كمن يحبو حبواً؟ أتؤمنون أن من الناس من تدركه كلاليب جهنم فتخطفه إلى النار، فتهوي به إلى مكان سحيق؟ نعم.

نؤمن بهذا كله.

أين الاستعداد له يا عباد الله؟ بكاء ساعة، بكاء لحظة، تأثر لحظات، ثم نعود بعد ذلك لندير المذياع على اللهو، لنفتح الشاشة على صور النساء، لنخرج ذاهبين آيبين لا نفكر هل إلى معصية الله، أم إلى طاعة الله، فهل من عودة يا عباد الله؟ هل من توبة يا عباد الله؟ استعدوا لهذا المطاف، واستعدوا لهذه الخاتمة، فما أسرع ما نقدم على هذه الآخرة! قيل إن نوحاً عليه السلام سئل: يا أطول الأنبياء عمراً-ألف سنة- كيف رأيت هذه الدنيا؟ قال: رأيتها كداخل من باب وخارج من باب آخر.

تأملوا -يا عباد الله- كم مضى من أعماركم ثلاثون سنة! خمسون سنة! عشرون سنة! كيف مرت تلك السنين؟ كيف مرت تلك الأزمان؟ كأنها برق قاصف {وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ} [الروم:٥٥].

المرء يفرح بالحياة وطول عيش قد يضره

إن منا -يا عباد الله- من الموت خيرٌ له، لأن مزيد الحياة له مزيد في سيئاته ومعاصيه.

المرء يرغب بالحياة وطول عيش قد يضره

تفنى بشاشته ويبقى بعد حلو العيش مره

وتسوؤه الأيام حتى ما يرى شيئاً يسره

كم شامتٍ بي إذ هلكت وقائلٍ لله دره

بارك الله لي ولكم بالقرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم.

أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم، وأسأله ألا يكلنا إلى أنفسنا طرفة عين، ولا أقل من ذلك، فاستغفروا ربكم؛ إنه هو الغفور الرحيم.