للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[التقوى]

الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيماً لشأنه، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.

عباد الله: اتقوا الله تعالى حق التقوى، أتدرون ما التقوى؟ اجعلوا بينكم وبين عذاب الله وقاية، أتدرون ما التقوى؟ أن تعبدوا الله على نور من الله، ترجون ثواب الله، وأن تنزجروا عن معصية الله خوفاً من الله، تخشون عقاب الله، أتدرون ما التقوى؟ الاستعداد للرحيل، والعمل بالتنزيل والرضا بالقليل، أتدرون ما التقوى؟ شمروا إذا كنتم على طريق ذي شوك فانظروا كيف تجافون الأقدام عن الأشواك، وتتبعون بها سبيلاً سهلة ليس فيها شوك، فكذلك التقوى أن تقودوا نفوسكم وتمسكوا بزمامها وخطامها إلى مرضاة الله، وتسيروا بها مجاهدين هذه النفوس، حتى تودعوا هذه الدنيا؛ دنيا قصيرة ضعيفة:

طبعت على كدر وأنت تريدها صفواً من الأقذار والأكدار

ومكلف الأيام ضد طباعها متطلب في الماء جذوة نار

كيف تريدون الراحة في الدنيا والله يقول: {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ} [البلد:٤]؟ والله إن أكبر كبير وأصغر صغير ليكابد أمر الدنيا، يظن الفقراء أن الأثرياء في راحة وهم والله في ألوان من الكبد، والفقراء يقاسون ألواناً من الكبد، وكل قد ابتلي إما بفقر وإما بغنى، ولكن السعيد من اتقى:

ولست أرى السعادة جمع مال ولكن التقي هو السعيد

وتقوى الله خير الزاد ذخر وعند الله للأتقى مزيد