للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ما يفعله من رأى ما يكرهه]

والرؤيا ثلاثة أنواع: رؤياً صالحة هي بشرى من الله، ورؤيا تحذير من الشيطان، ورؤيا مما يحدث المرء به نفسه؛ فإن رأى المسلم ما يكره فليقم وليصل ولا يحدث بها الناس، وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (الرؤيا من الله، والحلم من الشيطان، فإذا حلم أحدكم الحلم الذي يكره فليبصق عن يساره، وليستعذ بالله منه فلن يضره).

وصح عنه صلى الله عليه وسلم -أيضاً-: (إذا رأى أحدكم رؤيا يحبها فإنما هي من الله فليحمد الله وليتحدث بها، وإذا رأى غير ذلك مما يكره فإنما هي من الشيطان، فليستعذ بالله من شرها، ولا يذكرها لأحد فإنها لا تضره).

فمن جملة هذه الأحاديث نعلم معاشر الأحبة أن الرؤيا من الأمور الممكن تحققها ووقوعها خلافاً لمن نفى ذلك وجحده، ومن جملة تلك الأحاديث ينبغي أن ننتبه إلى أمر مهم جداً، وهو أن بعض الناس يتشاءم من بعض الرؤى التي يراها، وقد تضطرب لها حاله وتشغله في مأكله ومشربه ومجلسه، وهذا من الخطأ البين؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد أرشدنا وبين لنا: إن كانت الرؤيا مما يكره العبد فليستعذ بالله، وليتفل عن يساره، وليقم فليصل فإنها لا تضره، وذلك يدفع شرها عنه بإذن لله وقدره، ومن اعتقد أن الرؤيا تضر بحالها أو تنفع بحالها ممن رآه فيها فقد أشرك مع الله عياذاً بالله من الشرك، إذا أن الذي يقدر القضاء على العباد هو الله، ولا يرفعه عنهم إلا هو سبحانه.

عن أبي سلمة رضي الله عنه قال: كنت أرى الرؤيا فتمرضني حتى سمعت أبا قتادة يقول: وأنا كنت لأرى الرؤيا فتمرضني حتى سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول -وذكر الحديث الذي سقناه آنفاً- (إذا رأى أحدكم ما يكره فليتعوذ بالله من شرها، وليتفل ثلاثاً عن يساره، ولا يحدث بها فإنها لا تضره).

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم {إِذْ قَالَ يُوسُفُ لَأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ * قَالَ يَا بُنَيَّ لا تَقْصُصْ رُؤْياكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْداً إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ} [يوسف:٤ - ٥].

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول قولي هذا وأستغفر الله العلي العظيم الجليل الكريم، التواب الرحيم لي ولكم، فاستغفروه من كل ذنب إنه غفور رحيم.