للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ما يوقعه الربا بالمجتمعات من فساد]

معاشر المسلمين: إن انتشار الربا في المجتمعات وشيوع تعاطيه بين الناس لنذير شرٍ بعذابٍ يحل بمن هم كذلك، كما أفادت الآيات القرآنية والأحاديث النبوية، وأولها ما سمعتموه وتعلمونه قول الله جل وعلا: {فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا} [البقرة:٢٧٩] أي: إن لم تقلعوا عن الربا {فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} [البقرة:٢٧٩] ومن ذا يكون حرباً لله ورسوله، وسِلماً للشيطان وأعوانه وأذنابه، ثم يطمع أن يعيش آمناً مطمئناً سليماً منعَّماً، هذا محال، وإن تُصور لبعض الناس في ظواهر أمورهم فإنما هو استدراج وإمهالٌ لا إهمال فيه، وماذا بعد الفشل والخسار والبوار من مصيبةٍ على أناس يتعاملون بالربا، بعد أن محق الله بركة أموالهم وأرزاقهم، وكل شيءٍ جعلوا الربا سبيلاً للوصول إليه، أو إلى النماء فيه.

من الأحاديث التي جاءت في عظم شأن الربا وخطورته على الأمم والمجتمعات: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال فيما يرويه الإمام أحمد: (ما من قومٍ يظهر فيهم الربا إلا أُخذوا بالسَّنة، وما من قومٍ يظهر فيهم الرشا -أي الرشاوى- إلا أُخذوا بالرعب والقحط).

وروى عبد الله بن الإمام أحمد في زوائد المسند أنه صلى الله عليه وسلم قال: (والذي نفسي بيده ليبيتن أناسٌ من أمتي على أشرٍ وبطرٍ ولهوٍ ولعبٍ فيصبحوا قردةً وخنازير؛ باستحلالهم المحارم، واتخاذهم القينات -أي: المغنيات- وشربهم الخمور، وأكلهم الربا، ولبسهم الحرير).

وروى الإمام أحمد والبيهقي واللفظ له: (يبيت قومٌ من هذه الأمة على طُعمٍ وشربٍ ولهوٍ ولعب فيصبحون قد مسخوا قردةً، وليصيبنهم خسفٌ وقذف حتى يصبح الناس فيقولون: خُسف الليلة ببيت آل فلان، وخسف الليلة بدار فلان، ولترسلن عليهم حجارةٌ من السماء كما أرسلت على قوم لوط، على قبائل منها وعلى دور؛ بشربهم الخمر، ولبسهم الحرير، واتخاذهم القينات، وأكلهم الربا، وقطعهم الرحم، ولخصلةٍ نسيها الراوي).

معاشر المؤمنين: هل بعد هذا يبقى في قلب مسلمٍ إصرارٌ على التعامل بالربا؟ هل بعد هذه المصائب والبلاء وبعد هذه المخاطر يتعامل مسلمٌ بالربا أو يبقى مصراً فيه؟! وينبغي لمن وقع في ذلك أن يقلع عنه، ومن كان مديناً لأحدٍ بدينٍ من الربا ألا يرد الفائدة عليه، ألا وإنه ليس لهم إلا رءوس أموالهم لا يظلمون ولا يُظلمون، لا يظلمون ولا يُظلمون، لا يظلمون ولا يُظلمون، شرع الله وهو أحكم الحاكمين، وهو أعدل وأقسط القاسطين، سبحانه جل وعلا، ألا وإن لكل مسلمٍ يريد أن يتوب أن يقلع عن الربا وأن يرد عليه رأس ماله، ألاَّ وإنه إن راد الفائدة لمخطئ ولمجرمٌ ولمذنب، وعليه أن لا يرد شيئاً من هذا.

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم.

أقول قولي هذا، وأستغفر الله العلي العظيم الجليل الكريم التواب الرحيم لي ولكم، فاستغفروه من كل ذنب، إنه هو الغفور الرحيم.