للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الفتور وأسبابه وعلاجه]

السؤال

فضيلة الشيخ: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته! أنا شاب هداني الله لطريق الالتزام منذ عشر سنوات، ولكن خلال هذه الأيام الأخيرة أحسست بالتقصير في مجال الطاعات مثل صيام التطوع، والسنن الرواتب، وصار الأمر إلى التقصير عن الصلوات المكتوبات.

فما هي نصيحتكم حفظكم الله لي ولأمثالي وجزاكم الله خيراً؟

الجواب

أخي الحبيب! الفتور الذي تتكلم عنه يشكوا منه كثير من الصالحين.

وما أظن ذلك إلا لأسباب أهمها: ضعف التواصل، واللقاء، لما كان الشباب حريصين على التواصل واللقاء والعمل الدعوي الذي يكفل لهم جواً إيمانياً وصلة مستمرة وتعاوناً على البر والتقوى كانت الهمم عالية والنفوس متألقة، فلما ضعف التواصل فيما بينهم، وكثرة القالة، وغلب بعض الشباب سوء الظن بإخوانه، وغاب الإعذار، ولم يعد أحد يلتمس لأخيه عذراً في أي كلمة سمعت عنه؛ أو قيلت عنه امتلأت القلوب بهذا المرض، فانعكس قسوة ظهرت آثارها على الجوارح بالطاعة والعبادة.

والواجب على الشباب أن يصلحوا أحوالهم، إننا ندعو الطيبين والمتدينين وغيرهم أن يلتفتوا لأنفسهم، لأن أمراضاً أهمها مرض القالة والقيل والقال وسوء الظن وغيبة الأعراض وقطع اللحوم وفاكهة الذوات هي التي أحدثت هذه القسوة.

ويا أخي الحبيب! اسأل نفسك ما الذي اقترفته؟ إما أنك تساهلت بإدمان أو بالتساهل في مجالسة عصاة يجتمعون على معصية الله واستمرأت هذا، أو أنك هجرت إخوانك الصالحين وقلة مجالستك لهم، تلك المجالس التي لو قيل لأحدهم بعدها أوتر بأحد عشرة ركعة لأوتر غير متردد، أما لو جلس في مجلس فسق ولهو ثم عاد إلى البيت يريد أن يوتر بركعة واحدة يعجز ويصارع نفسه ويغالبها، وذلك من عاجل دلائل بركات حلق الذكر ومجالس الخير، ومن دلائل عاجل شؤم مجالس اللهو والغفلة.

وإني أقولها وأدعو الشباب أن يجمعوا إخوانهم الذين تشردوا ليس في الخارج لا، تشردوا عن دائرة المحبة والأخوة لسبب أو لرأي أو لموقف أو لحدث أو لقضية، حتى ولو كان هذا الشاب يوماً من الأيام قال قولة أنكرناها ولم نقبلها فإن من واجبنا أن نتلطف به، ألسنا لو جاء الآن بين أيدينا شاب وقلنا: هذا أخونا الآن خرج من سجن انفرادي، زنزانة المخدرات والترويج وتعاطي الهروين.

أقول يا إخوان: الله الله عليه بالرفق واللين واللطف، لا بد أن نحتويه، لا بد أن نبين له المحبة والمودة، ولا بد أن نغض الطرف عن بعض الأمور، وأن نذكره بمناقبه ومحاسنه، وأن نذكره أن أمة الإسلام بحاجة إليه، وأن نخوفه بالله، ونذكره بقلبه الذي فيه لا إله إلا الله.

أخونا المتدين الذي قضى زمناً في التدين والاستقامة ثم زل زلة، أو أخطأ خطأً، أو ارتكب أمراً، خلاص تغسل منه اليدين بالصابون وما عاد فيه أمل يرجع ولا يمكن، حتى إن بعض الشباب لأن فلاناً يرى ذلك الرأي لا يسلم عليه ولا يقابله ولا يستضيفه ولا يقبله ولا يطيقه أبداً، هذا ضيق عطن، وضيق أفق، وعدم فهم لما تحتاجه الدعوة من سعة العلاقة بالخلق أجمعين، وتوظيف طاقتهم لنشر دين رب العالمين.