للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[نصيحة فتاة تحب التلفاز]

السؤال

إنني فتاة قائمة بحمد الله بجميع واجباتي نحو خالقي، ولكني أحب متابعة التلفاز، وأرى أنه يعرفني ببعض الأعمال السيئة مثل الغيبة والنميمة، وفي يوم من الأيام جاءتني إحدى الأخوات الطيبات، ونصحتني بعدم مشاهدة الأفلام والمسلسلات فلم أستجب لها، فما نصيحتك لي؟ ثم ما نصيحتك لنا جميعاً وشهر رمضان المبارك على الأبواب، ولو وضعت برنامجاً للشباب جزاك الله خيراً؟

الجواب

الله جل وعلا يقول: {فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى} [النجم:٣٢] من ذا الذي قام بحقوقه وواجباته تجاه ربه، ليس فينا ذلك الرجل إطلاقاً، بل كلنا ذلك المقصر مهما بلغنا من العمل، ويكفي من التقصير أن تجد الواحدة تمعن النظر إلى التلفاز، وأما معرفة الأحكام في بعض العادات السيئة كالغيبة والنميمة من التلفاز، فنعم قد يوجد في التلفاز بعض البرامج النافعة، فالله جل وعلا ذكر أن في الخمر منافع، ولكن إثمها أكبر من نفعها، واليوم يا أخواني! لو لم يكن في التلفاز بالنسبة للمرأة كيف تنظر إلى المصارعة والرجال عراة لكفى، هذه مصيبة يا إخوان، وكثير من الإخوان يدعي أنه يتحكم، أين التحكم والمرأة تنظر إلى المصارعة، وتنظر إلى الأفلام، وفي كل فلم وحلقة وتمثيلية رسائل متتالية متتابعة، هذه فتاة تكلم خطيبها، وهذه تخرج مع صديقها في الجامعة، هل هذا مجتمعنا؟ لا، هل هذا واقعنا؟ لا، هل هذه الأفلام تحل مشاكلنا؟ لا، هل هذه المسلسلات تحاكي مجتمعاتنا؟ لا.

إذاً لماذا نستورد مشاكل فوق مشاكلنا، ونتعلم منها ما يضرنا ولا ينفعنا؟ فحسبك من شر سماعه، وما بالك برؤيته، وإني أنصح أختي إذا كانت جادة في معرفة أحكام العادات وغيرها أن تأخذها من الكتب النافعة، كتب الحديث من كلام الله جل وعلا، كتب التفسير من الأشرطة النافعة، من الدروس العلمية المسجلة للشيخ ابن عثيمين ولسماحة الشيخ ابن باز، وللشيخ ابن جبرين، علماء أجلاء كبار، الشيخ ابن باز كثيراً ما يوصي بسماع إذاعة القرآن الكريم وفيها خير كثير وبرامج نافعة فعلاً.

أما التلفاز فمشاكله أكثر من منافعه، وإذا قدر أننا نشارك فيه، فنحن نشارك فيه من أجل المزاحمة ولو ساعة، حتى تكون خيراً بلا شر، أي: لا يحتج أحد ويقول: والله إن فلاناً شارك فيه، هذه مشاركة بدلاً من أن يكون بث فيه خطر أو فيه شر لمدة عشر ساعات، تزاحم بساعة، فتكون ساعة خير وتسع ساعات خطأ.

في رمضان أعمال صالحة كثيرة، أحد الفضلاء الذين جئت اليوم بمعيته، ولولا هيبته -وهو من الشعراء- لقلت في أهل جدة قصيدة، مع أني لست بشاعر، لكن أتسور جدار الشعر، لكن لما حضر خشيت أن ينتقدني، فكنت أقول له: يا أخي أنا ألاحظ أن كثيراً منا لا يشكو قلة الحسنات، لكنا نشكو كثرة السيئات، كثرة السيئات مصيبة عظيمة جداً، وفوق هذا أن يفسر ويؤصل بعضنا لبعض الخطيئة، فتجد واحداً يغتاب الآخر يقول: نعم هذا من مصلحة الدعوة تفضل شرح عرض فلان، الله لا يهينك لأنه لمصلحة الدعوة.

اتق الله يا أخي الكريم! {وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً} [الإسراء:٣٦] ورمضان شهر عبادة وقرآن، فاشغل نفسك بقراءة القرآن وحفظه، هيئ نفسك أن تستعد لصلاة القيام خالياً من صورٍ تراها، أو كلمات تكدر عليك صفو خشوعك، ولا تجعل رمضان شهر النوم كما يجعله البعض، خذ برنامجاً، فقد يحوجك شيء من الجوع إلى شيء من الراحة، لا بأس ولا حرج، لكن إياك أن تفسد صيامك، إنسان صائم وعينه مفطرة على النظر إلى الحرام، أي صيام هذا؟! امرأة ساقها وفخذها ظاهر، نحرها عارٍ والرجل صائم! اللهم إني لك صمت وعلى رزقك أفطرت، تضع الفوازير، أهذا تفطر عليه؟ استحي يا أخي الكريم! ما يليق أبداً، وإن العمل الصالح يبنى على التوبة، نظف ساحة نفسك هذه الأيام من الذنوب والمعاصي، وتخلص من عادات قبيحة، وذنوب تصر عليها وتتساهل بها، وتعد أنها من الصغائر، اتركها وتب إلى الله منها، حتى تبني العمل الصالح على قاعدة نظيفة، ما رأينا رجلاً بنى بيتاً أو قصراً على أرض مليئة بالأوساخ والأتربة وكل ما على الأرض من دون تنظيف لها، بل تجده ينظف ويزيل حتى يجد قاعدة صلبة وصخراً مكيناً متيناً فيبني عليه.

إذاً نريدك أن تبني الصيام والقيام والاستغفار وتلاوة القرآن، لذلك اقرأ القرآن، فإذا تعبت من القراءة؛ استرخِ قليلاً، واجعل ذكرك الاستغفار تلك العبادة اللذيذة، من لازم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجاً، ومن كل ضيق مخرجاً، ورزقه من حيث لا يحتسب {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} [الأنفال:٣٣].

استغفر الله يا أخي! أكثر من الاستغفار (إن من خير ما يجد العبد في صحيفته يوم القيامة الاستغفار) أكثروا من هذا يا أخي الكريم.