للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[سر اهتمام الروس بطاجكستان]

ولماذا اشتدت ضربة الشيوعية على طاجكستان بالذات؛ أوليست كل ولايات ومدن الاتحاد السوفيتي مليئةٌ بالمسلمين؟ بلى.

إنها مليئة، ولكن نالت هذه مزيداً من الضربات، ومزيداً من الاهتمام بالإيلام والإيجاع، لأن طاجكستان تحتل المرتبة الثانية بعد روسيا من حيث الاحتياطات المطلقة للموارد المائية، ولأن طاجكستان غنيةٌ بالثروات الطبيعية، ولأن طاجكستان يقبع تحت أراضيها مخزونٌ عظيمٌ من اليورانيوم، ربما شكل قرابة ثلث اليورانيوم في الاتحاد السوفيتي كله، لأن طاجكستان بوابة وممرٌ ومعبر من طريقه يمكن أن تدخل قوافل الدعوة والدعاة إلى الله إلى سائر الجمهوريات، لأجل هذا كله، اهتم بها الروس ليعودوا وليعيدوا تمثيلية جديدة، بل مأساةً جديدة، تذكر بدخول الاتحاد السوفيتي على دباباته المدججة المليئة بالجنود، وعرباته المليئة بالألغام وبالغازات السامة، ليعيدوا هذا المشهد من جديد، يوم أن دخلوا إلى كابل، يعيده الروس الآن لكي يضربوا فيه حركةً إسلاميةً في طاجكستان.

أيها الأحبة: كلكم يعلم أنه بعد سقوط الاتحاد السوفيتي وتمزق أوصاله، وانقلاب ذلك الدب الجاثم على صدور المسلمين، قامت حركاتٌ إسلامية وجدت متنفساً يدعوها إلى أن تتحرك، ومن ثم قامت مجموعةٌ إسلامية، سمت نفسها بـ النهضة الإسلامية في طاجكستان، والتي سرعان ما اكتسحت وكسبت تأييد الشعب بأكمله، ثم بدأت لتضغط على الشيوعيين، وبمقتضى ميثاق النظام السوفيتي بعد سقوطه، وبمقتضى الميثاق الذي شمل تلك البقاع أن الأغلبية تحكم نفسها، وتحدد اتجاهها، أرادوا الإسلام، لأن الأغلبية مسلمون، وأرادوا الإسلام لأن الجميع يطالبون بالإسلام، ولكن سرعان ما عادت المطارق من جديد لتضربهم.

فبعد الإطاحة بالحكومة الشيوعية، ورئيس البرلمان الشيوعي السابق المدعو كنجايف، شعرت قوى الاستكبار العالمي بخطورة الوضع على مصالحها الحيوية في المنطقة، خاصةً إذا علمتم أيضاً أن طاجكستان تحتوي على ثلث احتياط اليورانيوم الخصب والمخصب للاتحاد السوفيتي، ويقع في تلك البقعة أكبر ثلاثة مصانع مخصصة لإشباع اليورانيوم في الاتحاد السوفيتي.

ونظراً لهذا الموقع الجغرافي الفريد، وتلك الثروات الضخمة للدولة الطاجيكية، فهي إلى ذلك تقع إلى شمال أفغانستان التي تشهد مخاض وجود دولةٍ إسلامية في أفغانستان، نسأل الله أن يجمع شمل قادتها، وأن يقيمها على أسسٍ متينةٍ من الكتاب والسنة، إن قرابة خمسة ملايين طاجيكي يمكن أن تكون مع أفغانستان دولةً واحدةً قوية، وإذا علمنا أن أفغانستان لا زالت حديثة العهد والتجربة بمعارك قابلت فيها ألوان الجيوش، واستخدمت وتدربت وتعاملت مع كثيرٍ من الأسلحة، فإذا أضيفت قوة الأفغان مع تجربتهم العسكرية التي دامت ثلاثة عشر عاماً مع الثروات الموجودة في طاجكستان أدركت أن قيام وحدةٍ بين هاتين الدولتين يمكن أن يشكل اكتساحاً عريضاً خطيراً ليطيح ببقية ولاياتٍ روسية، سيما وأن فيها مئات الملايين من المسلمين الذين يتمنون السلاح ونفس الحرية لتحكم بلادهم بالإسلام.