للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[التحدي بالتعليم]

ثم بعد ذلك لا حظ جانباً خطراً من الجوانب التي قل أن يفهم منها بيت، وذاك هو التحدي بالتعليم.

إن الإصرار على أن تتعلم المرأة كل ما يتعلمه الرجل، يعني: الإصرار على اعتبار طبيعة ودور وتكوين المرأة هي طبيعة ودور وتكوين الرجل ذلك، وإني لأعجب ولعل ذلك مما يلتفت إليه المسئولون -وفقهم الله ومنَّ الله علينا وعليهم بالهداية والعناية- إلى مناهج تعليم النساء، ألا يتعلم النساء نفس مناهج الرجال، ليس بالضرورة أن تدرس الفتاة الجيولوجيا كما يدرسه الفتى، أو تدرس الأحياء كما يدرسه الفتى، أو تدرس الفيزياء كما يدرسه الفتى، نعم.

إذا كان ثمة مجال يحتاج فيه إلى عمل المرأة وذاك العمل يتطلب مقرراتٍ ومناهج، وتخص بحالة أولئك النساء اللائي نحتاج إليهن، أما أن يتعلم كل البنات هذا، بل إنك تعجب يوم أن ترى الفتاة المراهقة تدرس في كتاب الأحياء -مثلاً- أجهزة الرجل التناسلية بعينها وربما تقف دراستها عند المرحلة الثانوية أو عند حد معين، ما الحاجة أن تدرس المرأة ما يدرسه الرجل، أو أن يدرس الفتى ما تدرسه الفتاة، بل لا بد أن نعلم أنها تختلف عن طبيعة الرجل، وتكوينها العضوي والنفسي يختلف عن التكوين العضوي والنفسي للرجل، إذاً: لا بد أن تكون مناهج تعليمها تختلف عن مناهج تعليم غيرها.

حاجة المرأة ماسة إلى علومٍ تحفظ حياءها، وتشعرها بعظم دورها وعظيم منزلتها، أما ما يحصل الآن فإنك ترى عبر هذه المجلات الوافدة التي تصور دور المرأة التخريبي هو الدور الذي من أجله خلقت، أما الدور الأول وهو دور الأمومة والزوجية والتربية والرعاية وسكن الزوج؛ هذا هو دور تقليدي قديم متخلف أكل عليه الدهر وشرب، يمكن أن تكون كل هذه الأدوار التقليدية في نظرهم أصيلة، وفي نظر الشرع يمكن أن تسند إلى مربيات وخادمات، أما الأدوار التي يمكن أن تسند إلى الرجال ولا حاجة إلى النساء فيها فتخرج المرأة وتؤز إليها أزاً وتدفع إليها دفعاً، وأنتم ترون هذا الواقع ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

إذاً: لا بد أن تتعلم المرأة، وأن يوجد لها المنهج الذي يهيئها لإدارة المنزل، ويجعلها تتفنن بالترغيب لزوجها في البيت، وأن تعرف علم نفس الزوج.

إن علماء النفس ومن ألفوا في هذا المضمار، تكلموا عن علم الأجنة وعلم نفس الأطفال، وعلم نفس الرجال والنساء، وعلم نفس المراهقين، لماذا لا تدرس المرأة نفسية الزوج وما يحتاجه بدلاً من أن تدرس ألواناً وأضرباً من أمورٍ لا تحتاج إليها، كيفية التعامل مع الأطفال، علم سلوك الأطفال، نفسية الأطفال هذه من أهم وأبرز الدراسة التي أرى وأقترح أن تكون فرض عين على كل فتاةٍ من المراحل المتوسطة إلى المراحل الثانوية، كيفية التربية، ودراسة مشكلات الأطفال، وأساليب التوجيه والتأثير على الطفل، ليست أساليب التسمين والتجميل، وأنت تلاحظ أن كثيراً من المجلات تعتني بالأكل والملابس والأطفال.

أما كيفية التأثير على الطفل تأثيراً إيجابياً نافعاً فما أندر أن تجده -حتى لا نكون متشائمين فلا نقول: إنه لا يوجد- وأكثر ما ترى تهدئة الطفل بالموسيقى، هدهدة الطفل بأمورٍ أو بأشياء لا تناسبه، ناهيك عن الاهتمام الأول والأخير بتجميل الأطفال وتسمينهم كأننا أفضل صورة نستطيع النظر بها أمام المجتمع المتحضر بأسرة رائعة مناسبة متمثلة في هذا الواقع.

أيضاً كما أن هناك تحدياً في المجال التعليمي فهناك تحدٍ في المجال الإعلامي، وأكرر أننا لا نهجم هجمة حتى لا تنقل نقلاً خاطئاً، نحن لا نهجم هجمة على تعليم البنات في مجتمعنا، فإننا لا نرى صورة رائعة تصلح نموذجاً يحتذى في كثيرٍ من البلدان ولكن نقول: نريد مواجهة التحدي الذي تواجه به الفتاة في مجالاتٍ شتى، أو دعوة إلى أن تتعلم الفتاة أموراً لا تناسبها ولا تحتاج إليها.