للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أهمية الزواج لرعاية الأولاد]

من حكم الزواج: رعاية الأولاد، هذا النشء الذي يتحقق بإذن الله من وجود هذين الزوجين، فإن رعايتهم تكون في ظل أسرة سعيدة قد بنيت على الود والاحترام والمحبة والتكافل، والمرأة قائمة على هذا الدور العظيم الذي لا يعوضه الكثير من دور الحضانة أو الملاجئ أو غير ذلك، ولذا فإن امرأة تحدب ظهرها وتحني صدرها، وتكرس جهدها وحياتها لتربية أولادها، مهما كان العرض المغري في الوظيفة والمرتب فإن ذلك أعظم من أن تشغل نهارها مولعة بوظيفة وتسميها: السلاح! السلاح! السلاح! إن إحصائية قد ظهرت منذ أيام في إحدى الصحف تقول: أكثر العوانس من الموظفات، ولماذا؟ لأن التعلق بهذه الوظيفة والشروط التي تمليها بعض النساء لأن عندها سلاح المال الذي ربما أطغى بعضهن: {كَلَّا إِنَّ الإِنْسَانَ لَيَطْغَى * أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى} [العلق:٦ - ٧] وشروط بعض النساء في ظل الوضع المالي الذي تعيش فيه من دخلها أو مرتبها جعلها تملي شروطاً قد لا يقبل بها الكثير من الأزواج، ومن ثم مرت السنون تلو السنين وربما فات بعضهن القطار، وربما أدركت بعضهن الرحلة قبل المرحلة الأخيرة أو قبيلها بقليل، هذه مسألة ينبغي أن تنتبه لها المرأة المسلمة.

تخيل أن أم أولادك عرض لها وظيفة بثمانية آلاف ريال، وفي المقابل عندك خمسة أطفال صغار يحتاجون إلى الرعاية والعناية، أنت لو تتأمل مقدار ما تحتاجه من المال والجهد والوقت لتعطيهم نصف ما تعطيه الأم لهؤلاء، لم تجد ما تنفقه عليهم ولو بلغ عشرة آلاف أو خمسة عشر ألفاً، إذاًَ فصرف وقت المرأة زوجة وأماً على أولادها هو في الحقيقة عملية اقتصادية، وعملية تربوية، وتلك أخطر عملية لبناء الرجال، وصناعة الأجيال، من أهم المهمات التي غفل عنها كثير من النساء، وكثير من العاملات اليوم منذ أن تصبح وهي تظل ساعة أمام المرآة في إحسان هندامها، ومظهرها، وهيئتها، وعطرها، أو شيء من ذلك، ثم تتوجه إلى عملها، فالطفل المسكين محضون عند الخادمة، ينمو ويتربى أعجمياً لا يعرف النطق، الأطفال الذين يعيشون مع أمهاتهم ينطقون في السنتين، يبدءون يتكلمون ويرتبون الجمل، وهذا ربما بلغ السنة الثالثة وهو لم يستطع أن يتكلم بعد ولم يرتب جملة؛ لأنه دائماً مع الخادمة التي هي أيضاً مسئولة عنه بماذاً؟ بالغسيل واللباس وحاجات المنزل، وكلما هنالك إذا سمعت صوته جعلت رضاعة الحليب في فمه، وإن كبر قليلاً فإن التوجيهات المبلغة بها سلفاً قبل مغادرة صاحبة السعادة ربة المنزل، قبل توجهها إلى عملها أن إذا قام ضعي الحليب، وأعطيه هذه المأكولات، وجهزي له الفيديو، والشريط جاهز لأفلام الكرتون وأشغليه بذلك، وأدخليه في غرفة الألعاب، ذلك أقصى ما تقدمه الخادمة لهذا الطفل.

لكن الزواج الذي من مقاصده المحافظة على الذرية، المحافظة على الأولاد، وتربيتهم، وتكوينهم، وتنشئتهم، ذلك من أهم المقاصد العظيمة الجليلة التي ينبغي أن نهتم بها، ومهما وجد في مختلف أنحاء العالم من ملاجئ ومحاضن ترعى شئون الأطفال، فإن ساعة من الأم أعظم من أيام خادمة أو مربية.