للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[وزن المسلم لا يقدر بمال]

أيها الشاب: نريدك أن تعرف أن الله أودع في بدنك أدق الأمور وأخطرها، لا تقل: أنا ليس لي وزن، وليس عندي مال، وليس لي مكانة، ولا قدر.

أولاً: إذا كنت تريد أن تسأل عن مقدار ما تملك من الأموال؟ نقول لك: تعال يا أخي! أنت ليس لديك مال، ولكن أتبيع عيناً من عيونك بنصف مليون؟ يقول: لا، بمليون.

يقول: لا، بمليونين.

يقول: لا، بأربعة ملايين.

يقول: لا، بخسمة ملايين.

يقول: لا.

تبيع يداً من يديك بخمسة ملايين؟ يقول: لا، تبيع رجلاً من رجليك بعشرة ملايين؟ يقول: لا، تبيع رئة من رئتيك بخمسة ملايين؟ يقول: لا.

إذاً كم تملك من الملايين.

تملك شيئاً عظيماً من الأموال الطائلة، ألا وهي في نعمة العافية.

إذاً أيها الشاب وزنك لا يقدر بالمال، وإذا أردت أن تعرف هل الوزن يقدر بالمال، اسأل التجار الذين يملكون السبعين والثمانين والمائة مليون وهم يحرمون من الطعام، أو يحرمون من اللذائد أو الملذات، أو يحرمون من كثير من الأمور، تسألهم ما قيمة هذه الملايين؟ بالعكس والله إن هؤلاء يحترقون، كما قيل عن تاجر ثرى في أرض الحجاز - هذه قصة واقعية - وجد عاملاً من أهل اليمن، اشترى أربع خبزات وكيلو موز، وأخذ يضع الموز وسط الخبز، ثم يلفه على بركة الله، والتاجر ينظر إليه نظراً لا يصرف البصر عنه، فلما انتهى هذا العامل، انقلب على جنبه وتوسد الدرج ونام، فقال التاجر الغني: أتمنى أن أعطي هذا نصف ملكي بل أكثر من ذلك، وآكل مثلما ما يأكل وأشرب مثلما ما يشرب، وأنام مثلما ينام.

إذاً أيها الشاب! أنت لا تنظر إلى نفسك بمقياس الدنيا، فإن عندك خير عظيم، ولا تقارن نفسك بأرباب الأموال؛ فإنك في حال أسعد ثم أسعد ثم أسعد منهم، إلا من سبقك بطاعة الله جل وعلا.

أيها الشاب: آباؤك مسلمون، أمك مسلمة، جدتك مسلمة، جدك مسلم، لست بوذياً ممن يعبدون بوذا، لست من عبدة البقر، اعرف أصلك الذي تنتسب إليه، اعرف شرفك، أنت من أقوام يقومون آناء الليل وآناء النهار يتلون كتاب الله ويتذاكرونه، أنت من أقوام قد أذعنت ودانت لهم الدنيا في ظل لا إله إلا الله، فلا تحاول أن تقلد غربياً أو أمريكياً أو بريطانياً أو إيطالياً أو أسبانياً؛ لأن هؤلاء ليسوا بأولياء لك وليسوا من أهلك ولا ذويك، إنما أولياؤك هم المؤمنون.

أنت من قوم تتجافى جنوبهم عن المضاجع، يدعون ربهم خوفاً وطمعاً، ومما رزقناهم ينفقون، أنت رجل قد أعد الله لك منزلة عظيمة، أنت برحمة الله وفضله وقبوله وتوفيقه لك ممن سترد على الحوض وتقابل النبي صلى الله عليه وسلم، وستحضن وتقبل نبيك صلى الله عليه وسلم، فاحذر أن تكون ممن يردون عن الحوض كما قال صلى الله عليه وسلم: (ليذادن أقوام عن حوضي يوم القيامة، فأقول: يا رب أمتي أمتي! فيقال لي: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك).