للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الطريق إلى الجنة ولقاء الرسول وصحبه]

يا شباب! إذا كنتم تعلقون الآمال الطويلة أن تلتقوا بالنبي صلى الله عليه وسلم وتلتقوا بـ أبي بكر وعمر وعثمان وعلي والصحابة الكرام وأئمة الإسلام وأبو مسلم الخولاني وإبراهيم الحربي وسفيان الثوري وسفيان بن عيينة والحسن البصري والحسن بن علي وسعيد بن جبير وأئمة الإسلام وعلمائهم وابن القيم وابن تيمية إذا كان الأمل والشوق يحدوكم والذكرى تقودكم إلى لقاء هؤلاء، فإن الطريق إليهم لا بالأغاني، ولا يمر بأفلام الفيديو، ولا بالمجلات الساقطة، وإنما يمر بقيام الليل وحفظ القرآن، وبالعناية بالسنة والدعوة إلى الله جل وعلا، وبمجالسة الأخيار، والعناية بحلق الذكر والتسبيح آناء الليل وآناء النهار.

لو قلنا لواحد منكم: سنحجز لك موعداً بعد شهرين مع ملك من الملوك أو عظيم من العظماء؛ لمكثت يَعُدُ الليالي والأيام متى سوف أقابل فلان بن فلان، إذا قلنا لك: أنت ستقابل رسول الله صلى الله عليه وسلم، ستقابل خير خلق الله وخير من وطئة قدمه الثرى: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ} [التوبة:١٢٨] ستقابل هذا النبي الذي يقول في شجاعته: (أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب) والذي يقول في رحمته: (كل نبي يؤتى دعوته، وأنا ادخرت دعوتي لأمتي يوم القيامة، أقول: يا رب أمتي أمتي) أنت تقابل خير الخلق أجمعين فماذا أعددت لمقابلته؟ بل ستقابل من هو خير من محمد صلى الله عليه وسلم {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} [القيامة:٢٢ - ٢٣] ستنظر إلى وجه الله العظيم الجليل، فهل تريد أن تكون ممن قال الله فيهم: {كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ * ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُوا الْجَحِيمِ} [المطففين:١٥ - ١٦]؟ أتريد أن تكون ممن يصرف ويسدل عليه الستار فلا يتلذذ برؤية الله، بل ولا ينظر إليه الله ولا يكلمه ولا يزكيه وله عذاب أليم، أولئك الذين أعرضوا عن ذكر الله جل وعلا.

يا شباب الإسلام! إن المرجو فيكم كثير.

أيها الشاب: أنت إما أن تكون من عباد الرحمن: {الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلاماً * وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِيَاماً * وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَاماً * وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً * وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ} [الفرقان:٦٣ - ٦٨] أنت من أولئك؟ أم من الذين والعياذ بالله: {وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ * وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ * يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ * مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ * هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ} [الحاقة:٢٥ - ٢٩].

إما أن تكون من عباد الرحمن وإما أن تكون من عباد الشيطان الذين يقال لهم وفيهم وبهم: {خُذُوهُ فَغُلُّوهُ * ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ * ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعاً فَاسْلُكُوهُ * إِنَّهُ كَانَ لا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ * وَلا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ} [الحاقة:٣٠ - ٣٤] ماذا يعد له؟ {فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هَاهُنَا حَمِيمٌ * وَلا طَعَامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ * لا يَأْكُلُهُ إِلَّا الْخَاطِئُونَ} [الحاقة:٣٥ - ٣٧].

أنت إما أن تكون من السابقين من أصحاب اليمين، وإما أن تكون من أصحاب الشمال من أهل السموم والحميم والزقوم وطعام الأثيم.

فيا أحبابنا أليس الخيار بأيدينا؟ هل نحن أحجار على رقعة شطرنج يأتي من يأخذ برأس الواحد منا ثم يضعه ويقول: أنت اجلس هنا لا تدخل المجلس، اذهب إلى الشيشة الفلانية والمقهى الفلاني والمطعم الفلاني، اذهب إلى السهرة الفلانية من أول الليل إلى آخره؟ هل أتى أحد وأخذ بتلابيبك وقال: قبحاً لك! لست بكفء أن تجلس مع الأبرار، اذهب مع أصحاب المخدرات ذوي الخلاعة والمجون، مع ذوي اللواط والزنا والفواحش والآثام؟ الخيار بيدك قد جعل الله أمامك الطريق، ووضح لك المحجة، فلأجل من بعثت الرسل؟ ولأجل مَن أنزلت الكتب؟ الليل والنهار والأفلاك والنجوم والسموات لأجل مَن؟ من أجل أن تعبد الله وحده، أفتدع كل هذا ثم تنصرف بعد ذلك ضالاً مضلاً غافلاً مضللاً إلى معصية وهوان وخزي بين الخلائق.