للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[احتقار الشباب لأنفسهم]

وأخيراً يا شبابنا: أنتم تستطيعون أن تقدموا دوراً، لا يقل أحدكم: أنا لا أنفع في شيء؛ فإن هذه مصيبة.

الكثير من الشباب عندما تجلس معه، يقول: يا أخي أنتم ما شاء الله تعرفون تتحدثون وأنتم وأنتم وأنا لا أستطيع أن أفعل شيئاً، بل أنت تستطيع أن تفعل شيئاً كثيراً.

أذكر مرة كنا في رحلة أيام الدراسة، وكنا ننزل الأغراض من السيارة، ثم جاء أحد الشباب فقال: ماذا أعمل؟ فرد أحدنا قائلاً: أنت هش الذباب، مالك شغل! نحن ليس لدينا شباب يهشون الذباب، عندنا دور لكل شاب، عندنا طريقة لكل شاب، عندنا وظيفة لكل رجل، عندنا مهمة لكل من أراد أن يبذل لهذا الدين، لو أن كل واحد منكم خطط أن يتوب إلى الله من جميع الذنوب والمعاصي:

هيهات لن تصلح الناس وأنت فاسد هيهات ما أبعد ما تكابد

أي: لا بد للإنسان أن يستعين بالله على ترك المعصية، حتى تكون دعوته بين الناس لها أثر عظيم ينال بها خيراً عظيماً.

وكلنا يعرف قصة ذلك الرجل كبير السن الذي كان كلما وجد شخصاً أخبره بحديث النبي صلى الله عليه وسلم (كلمتان حبيبتان إلى الرحمن، ثقيلتان في الميزان، خفيفتان على اللسان: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم) هذا الحديث في صحيح البخاري.

كان يدعو إلى الله بهذه الكلمات، فكان إذا دخل عند الخباز يذكر له هذا الحديث (كلمتان حبيبتان إلى الرحمن، ثقيلتان في الميزان، خفيفتان على اللسان: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم) فيبدأ يتعلمها الخباز، يدخل إلى البقالة فيقول له البقال: ماذا تريد فيقول: أقول لك يقول صلى الله عليه وسلم: (كلمتان خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان، حبيبتان إلى الرحمن: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم) أينما ذهب يعلم هذه الكلمات، حتى وصل أجله، وفي اللحظات الأخيرة كان على السرير الأبيض في المستشفى، فبلغته سكرات الموت، فأغمي عليه ثم أفاق والطبيب ماسك بيده، فلما استيقظ هذا الرجل العجوز الكبير من تلك السكرة التي شدت عليه نَفَسه لما أفاق منها وجد يده في يد الطبيب، فقام وأمسك يد الطبيب بيده الأخرى وقال: يا دكتور! يقول صلى الله عليه وسلم: (كلمتان حبيبتان إلى الرحمن، ثقيلتان في الميزان، خفيفتان على اللسان: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم) لا إله إلا الله وفاضت روحه.

فكان سبباً لهداية الطبيب وتوبته واستقامته.

فيا شبابنا! يا رجالنا! يا أبناء أمتنا! كل يستطيع أن يقدم دوراً، لا تقل عندي أشرطة وعندي نسخة أصلية للفنانين، وعندي أفلام ممنوعة أحدهم أتى بها لي بطريق معروفة، وشخص لفها في جريدة وأعطاني إياها، وواحد أتى بها بالطريقة الفلانية، وآخر قال لي: هذه نسخة لا يطلع عليها إلا أنت، لا.

كنا في حلقة تدريس يدرسنا أحد القضاة في الرياض، درس في كتاب العدة شرح العمدة، فقال أحد الطلاب: أنا شاب تبت إلى الله جل وعلا وعندي أفلام خليعة لصديق آخر فهل أكسرها؟ فقال له الشيخ: امسح المادة وأعد الأشرطة.

فإذاً نحن لا نقول لك: ما دام عندك أشرطة لا أمل لك أن تتوب، عندك صور خليعة فلا أمل أن تتوب لو كان عندك خمسين مصيبة، تب إلى الله، يبقى عندك مصيبتان أو ثلاث مصائب تتوب منها إن شاء الله في الأيام القادمة، ولا نريد تكرار خبر الشاب الذي سمعتم قصته في شريط (حاول وأنت الحكم) هذا الذي يقول: عندي فساد وأشرطة وفواحش وصور وعندي وعندي فقلت له: أأنت جاد في التوبة إلى الله؟ قال: نعم.

قلت: صلِّ معي العشاء وأنا أخرج معك إن شاء الله، نسأل الله أن يتوب علينا وعليك ونحرق الأشرطة، قال: لا بالتدريج يا شيخ، ما نتوب كذا، طيب تعال علمني كيف نتوب؟ نقول: {تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً} [التحريم:٨] نمحو ما يقبل المحو منها ونتلف ما ينبغي إتلافه قال: لا بالتدريج.

فأقول لكم يا إخواني: بإمكانكم منذ هذه اللحظة أن تتحولوا إلى دعاة.

ليس بالضرورة أن تتوب من جميع ما عندك من الذنوب مرة واحدة، وإن كان الواجب هو أن تتوب إلى الله من جميع الذنوب، لكن لو قَدَّرنا أن شاباً يقول: أنا تبت إلى الله جل وعلا لكن وقعت في هذه المشكلة غداً، ثم وقعت في مشكلة صغيرة بعد غداً، نقول تب إلى الله منها، واستمر على ما أنت عليه، لأن بعض الشباب يقول: أنا إذا أردت أن أتوب فمعنى هذا أن أنافس جبريل في الطاعة، أي: لا أخطئ أبداً أبداً، هذا ليس بصحيح أبداً، كل البشر يخطئون ويذنبون وعندهم من الخطيئة، لكن الخطأ هو الاستمرار على الخطيئة، عندي صور، مجلات، أفلام، عادات سيئة، أمور خبيثة، تبت منها كلها، وغداً وقعت في واحدة أيهما أفضل: أن أصبح غداً على نفس الخمس أو على واحدة فقط؟ لا.

ربما الذي وقع في واحدة أهون عند الله من الذي وقع في الخمس كلها، لكن نقول لك: افعل واحدة واترك أربعاً، كما تبت بالأمس من الخمس تب اليوم من هذه الواحدة، ولو وقعت بعد غدٍ في غيرها تب إلى الله من غيرها، فكلما أحدثت ذنباً أحدث بعده توبة، وسترى خيراً كثيراً بإذن الله جل وعلا.