للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أنواع من الابتلاء]

الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، القائل في محكم كتابه: {أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتاً وَهُمْ نَائِمُونَ * أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ * أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ} [الأعراف:٩٧ - ٩٩].

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له يبتلي عباده بالسراء والضراء ليشكروه وليتضرعوا بين يديه، وأشهد أن محمداً عبده رسوله، بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.

عباد الله! اتقوا الله تعالى حق تقاته، وتتبعوا أسباب رضاه واجتنبوا أسباب سخطه، واعلموا أن التقوى سبب تفريج الكربات ودفع المحن والملمات {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ} [الطلاق:٢ - ٣].

معاشر المؤمنين: لا يخلو زمن من الأزمان إلا وفيه ما فيه من مصائب الزمان ونوائب الحدثان:

والليالي من الزمان حبالى مثقلات يلدن كل عجيب

وليست أمة من الأمم مخصوصة بنوع من البلاء دون غيرها حتى يأمن الآخرون فجائع الدهر:

فجائع الدهر ألوانٌ منوعة وللزمان مسرات وأحزان

وكلٌ ينال حظه من هذا الابتلاء ومستقل ومستكثر {وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ} [آل عمران:١٤٠] وقديماً قيل:

رب قوم أصبحوا في نعمة زمناً والدهر ريان غدق

سكت الدهر زماناً عنهم ثم أبكاهم دماً حين نطق

وقال الآخر:

إذا ما الدهر جر على أناس حوادثه أناخ بآخرينا

فقل للشامتين بنا أفيقوا سيلقى الشامتون كما لقينا

معاشر المؤمنين: وقد تبتلى بعض الأمم بالسراء ويبتلى غيرها بالضراء {وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ} [الأنبياء:٣٥] وكل أمر بتقدير الله جل وعلا وتدبيره وبالغ حكمته، وفيه حصاد العباد بما كسبته أيديهم ويعفو ربنا برحمته عن كثير:

قد ينعم الله بالبلوى وإن عظمت ويبتلي الله بعض القوم بالنعم

وقد تكون المصائب مرة: فتكون للجاهلين علماً، وللغافلين عظة وعبرة {فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ} [القمر:١٥].

معاشر المؤمنين: إن ما يدور اليوم في منطقة الخليج، وما فعله البعثيون في المسلمين في الكويت لا يغيب على فكر مسلم غيور على دينه وعرضه، ولكن الجهل كل الجهل أن نفسر الأحداث والوقائع بالأسباب المادية فنظن أنها مشكلة حدودية، أو بسبب تضاعف قروض مالية ناسين أو متناسين أن ما أصابنا {فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ} [الشورى:٣٠] {إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ} [الرعد:١١] اللهم إنا نعوذ بك من زوال نعمتك، ومن فجاءة نقمتك، ومن تحول عافيتك.

معاشر المؤمنين: وقبل أن نخوض في وصف الأحكام وأخذ الدروس والعبر منها أود أن أعرف وأن يعرف الكثير من المسلمين من هم البعثيون؟ وما هو حزب البعث؟