للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الشيطان وتفريقه بين الملتزمين وبين الحكومات الإسلامية]

إخواني وإن من تلبيس إبليس لنا: أن يقول لك الشيطان: انظر الآن، الدول الأفريقية، والدول الآسيوية، والدول الأخرى، تجد الحكومات في صراع مع الدعاة، والحكومات في صراع مع العلماء، والحكومات في صراع مع الجمعية الفلانية، والجبهة الفلانية.

أقول لك: نعم.

لأن الحكومات أعلنت الكفر، ولأن الكثير من الحكومات قالت: المصدر الرئيسي للتشريع هو: قانون الرومان، أو القانون الفرنسي، المفسَّر برقم وتاريخ، والمعدل برقم وتاريخ.

لكن أنت الآن هل يوماً سمعتم في بلادكم أن مصدر التشريع أو مصدر التحاكم هو الكتاب الأخضر؟! أو أن مصدر التحاكم هو: نظرية البعث العربي الاشتراكي؟! أو أن مصدر التحاكم هو كتب النصيرية؟! أو أن مصدر التحاكم هي كتب الضلالة؟! أم أننا نسمع صباح مساء أن القرآن والسنة والعقيدة هي مصدر وأصل اجتماع وسر عزة وتمكين وهي نعمة؟! اللهم لك الحمد.

إذاً: إذا كانت تلك الدول تصرفاتها صريحة في الكفر، القاتل يُسجن خمس سنوات، والسارق يُسجن سبع سنوات مع الأعمال الشاقة، ولا تُسمع الدعوى في الزنا حالة الرضا إلا إذا كانت على فراش الزوج وبغير إذنه، هذا نص القانون، والزنا مقنَّن بالترخيص رقم وتاريخ، والخمر يُباع بإذن وزارة التجارة في تلك الدولة برقم وتاريخ.

لا نستغرب أن يوجد انقسام في المجتمع، فتكون الحكومة الظالمة الفاسقة الفاجرة أو الكافرة في طرف، ويكون المؤمنون الموحدون المسلمون طرفاًَ آخر.

يأتي الشيطان إلى أحدنا هنا، ويقول: (المَطاوِعة) في طرف والحكومة في طرف، لا.

لا.

من ذا الذي جاء ليفرق بيننا وبين حكامنا؟! من ذا الذي جاء يفرق بيننا وبين علمائنا؟! من ذا الذي جاء يفرق بيننا وبين دعاتنا؟! من ذا الذي جاء يفرق بيننا وبين إخواننا؟! نحن لا نقبل التفريق.

ولذلك فإن من أساليب تلبيسه ووسوسته وتزيين الباطل لكي يجعلك جامداً عاجزاً لا فائدة منك في الدعوة والخير، يقول لك: انتبه! إن صرت مع المََطاوِعة فستكون مع حزب المعارضة للحكومة، إن كنت مع المَطاوِعة ستكون مع الحزب الذي هو ضد الحكومة.

لا يا حبيبي، نحن ما عندنا أحزاب، نحن أمة واحدة {إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً} [الأنبياء:٩٢] والآية في أمة الإسلام أجمعين، فلا نقبل من أحد أن يفرق بيننا أبداً.

اعرفوا هذه القضية جيداً، أدركوها جيداًَ، ولا تجعل الشيطان يصور لك القادة والولاة شيئاًَ، ويجعلك من أحزاب المعارضة، أو من أحزاب الضد والعناد.

أخي الحبيب: إذا عرفت أنك في بلاد مسلمة، الناس فيهم خير، حتى الفاسق من أبنائنا فيه خير، ولكنه يحتاج ورقة قطنية ناعمة، وموعظة لذيذة حلوة، ثم يُمسح المنكر الذي على قلبه، ويُزال الأذى الذي على فؤاده، ثم يعود زجاج قلبه برَّاقاً لامعاً، نعم.

كثير من الفساق عندنا قلوبهم زجاج جميل؛ لكن عليه شيء من التلوث والوسخ، لوث المعاصي، ووسخ الذنوب والمنكرات، فالذي يأتي (بصُنْفُرةِ) خشنة يريد أن ينظف القلب الزجاجي الذي تلوث بهذا؛ فإنه إما يكسر القلب أو يخدشه؛ ولكن من جاء بالقطنة الناعمة، والمحلول الذي يحلل هذه الأوساخ، ثم يمسح هذا القلب قليلاً قليلاً تجد بعد ذلك قلباً لامعاً رقيقاً جميلاً.

لا يزال الخير فينا.

فإياك أن يأتي الشيطان ليقول لك: حكومتك طرف، والدعاة طرف، والعلماء طرف، والفساق طرف، لا.

نحن أمة واحدة، كلنا في كف واحدة، فاسقنا، وعالمنا، وصالحنا، وطالحنا، وحاكمنا، وداعيتنا، كلنا في كف واحدة.

تتمة لما ذكرناه -أيها الأحبة- نقول: إن وساوس الشيطان وتلبيسه كثير: وحديثنا عن تلبيس الشيطان على كثير من الناس ومن أحبابنا وإخواننا الذين ربما كانوا سبباً في عون أهل الباطل على أهل الحق، وربما كانوا سبباً في الإرجاف والتثبيط للمؤمنين، وكانوا عوناً للمنافقين وأعداء المؤمنين، بسبب هذه التلبيسات وهذه الظنون السيئة.