للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[كلمة موجهة للأخوات المسلمات]

السؤال

فضيلة الشيخ! معنا في خلف المسجد أخوات لنا من النساء حضرن المحاضرة، فكلمة توجهها للنساء، ولا شك أن النساء لهنَّ مكانة عظيمة ومركز عظيم، خاصة بين الأسر وبين الأزواج والأولاد، فكلمة قصيرة، جزاك الله خيراً، ولو أنَّا أجهدناك؛ ولكن إن شاء الله في سبيل الخير كل شيء يهون.

الجواب

أولاً: أيها الإخوة! إنه لشرف لأهل هذه المنطقة أن ينتشر الخير في نسائهم كما انتشر في رجالهم، وأن يكثر الوعي والعلم في نسائهم وبناتهم كما كثر في رجالهم وأبنائهم.

وكلمتي أوجهها أيضاً لأخواتنا اللائي هنَّ معنا، إن الشيطان يوسوس لهن، وربما تجد مدرِّسة ما حاولت يوماً ما أن تنصح طالباتها بسماع شريط، أو أهدت لطالباتها شريطاً أو كتيباً، وربما تجد مديرة مدرسة.

وبلَّغني أحدُ الإخوان في منطقة الجنوب، يقول عن أخت له مدرِّسة، يقول: استأذنت المديرةَ أن تهدي بعض الطالبات أشرطة.

قالت: ممنوع، ممنوع، ممنوع.

يا سعادة المديرة، يا مديرة عامة المدرسة، ما الذي يمنع؟ شريط يُباع مُرَخَّص من وزارة الإعلام بالفسح، برقم وتاريخ، يحث البنات على غض البصر، يحث البنات على الستر، يحث البنات على عدم التبرج، وعلى القرار في البيوت، يحث البنات على عدم الخضوع بالقول، والانقياد للمعاكسات والمغازلات.

ما الذي يمنع المديرة أن توافق على ذلك؟! بل -والله- إن هذا واجب المديرة ذاتها أن تحذر الطالبات من هذا الشر؛ حتى لا يقعن فيه قبل أن يعرفنه، إذا المديرة والمدرسات حذرنَ البنات من الشر قبل الوقوع فيه كان خيراً، وإلا فكما قال القائل:

أتاني هواها قبل أن أعرف الهوى فصادفَ قلباً خالياً فتمكَّنا

كذلك من خير ما انتشر بين أمهاتنا وأخواتنا قديماً القاعدة المعروفة: إذا جاء الضحى؛ أم فلان أخذت المَزْوَدَة وِقْر بعير؛ كيلوين (فصفص)، وصُرَّتَين كراث، وواحد فجل، وثلاثةً جرجير، وزارت فلانة وفلانة وعلانة، والفواكه والموائد والأسمطة ونحو ذلك.

الآن تغير الأمر بفضل الله؛ تخرج أم فلان ومعها الكيسة فيها نصيحة؛ شريط: تعالوا اسمعوا، مثلما يقول لي أحد الشباب: يقول: عندي أم تقول: الذي يحبني يا أبنائي يأتي لي بأشرطة.

قلنا: خير يا أمي.

قال: فوجدناها جزاها الله خيراً إذا جاء الضحى أخذت الكيس وفيه الأشرطة وزارت صويحباتها ثم بعد ذلك أخرجت؛ حتى يقول: مسجلها معها في الكيس، تخرج المسجل وتقول: اسمعوا؛ تسمعهن موعظة للحماد، ولـ سعيد بن مسفر، وتقعد هؤلاء النساء يَصِحْنَ ويَبْكِيْنَ ويَتَأَثَّرْنَ ويَتُبْنَ، ويستفدن كثيراً.

ثم إذا رأتهن قد تأثَّرن أعطت كل واحدة شريطاً، وخرجت الداعية العجوز إلى بيتها قبل صلاة الظهر.

فيا إخوان! ونقول هذا الكلام للأخوات: نريد من أمهاتنا وزوجاتنا وبناتنا وأخواتنا أن يمارسن الدعوة، ليس الكلام موجهاً في الدعوة والعناية بالدعوة إلى الرجال وفي صفوف الرجال والطلاب والأساتذة، بل هو مطلوب أيضاً وموجَّه إلى المدرسات والمديرات والطالبات، وموجَّه إلى ربات البيوت.

يا إخوان! قديماً المرأة إذا تعدت الثلاثين؛ لا يقال لها: شيَّبتِ، لا؛ لكن فيها خير؛ لكن كلما تقدمت بها السنون عَقَلَت، وأصبحت ذات حِلْم وحياء ورزانة وهدوء، وتجدها أقبلت على صيام الإثنين والخميس، وأقبلت على قيام الليل، وأقبلت على الحياء، وأقبلت على مزيد من الستر، الآن بعض النساء تكبر وتَنْهَبِل! نعم.

عجوز تمنت أن تعود صبية وقد ذبل الخدَّان واحدودب الظهرُ

فراحت إلى العطَّار تبغي شبابها وهل يُصْلِح العطار ما أفسد الدهرُ؟!

يوجد عندنا -بفضل الله ما هُنَّ عندكم في جيزان - لكن عندنا في الرياض نساء في الخمسين سنة، يوم السبت في الملاهي، ويوم الأحد في حديقة الألعاب، ويوم الإثنين في الحديقة الفلانية، ويوم الثلاثاء في صالة الأفراح الفلانية، قال واحد من الشباب -جزاه الله خيراً-: عندنا واحدة ما بَزَاها رَجُلُها في بيتها، فيَبْزُونها جيرانها في المدرسة، سجلوها في محو الأمية، وتذهب هي والشغالة، وعندما دخلت عند باب المدرسة، ينزلها السواق، تقول: الحقيني -يا فلانة- بالشنطة.

وإن سفاه الشيخ لا حلم بعده وإن الفتى بعد السفاهة يَحْلُمِ

وإنْ أنتَ لحقتَ جمال الصلاح! بدل أن تتوجهي إلى الله وتقبلي على طاعة الله، وتستعدي أيضاً للقاء الله: (أعمار أمتي بين الستين والسبعين، وقليل من يجاوز ذلك) فالمرأة عليها مسئولية عظيمة في حفظ زوجها وبيتها.

وأذكِّر النساء، أذكِّر أخواتي وأمهاتي وبناتي وزوجات إخواني في هذا المقام، أذكِّرهنَّ بحديث أسماء بنت يزيد بن السكن الأنصارية الأشهلية، قالت: (يا رسول الله -وكانوا يسمونها خطيبة النساء من جراءتها وفصاحتها- إن الرجال يغزون معك، ويحضرون مجلسك، ويحجون معك، ويسمعون حديثك، فهل لنا فيك من نصيب؟ فقال صلى الله عليه وسلم: يا أسماء! يا أسماء! بلِّغي مَن وراءك من النساء: إن حسن تبعُّل المرأة لزوجها يعدل ذلك كله) إن حسن طاعة المرأة لزوجها وحسن محافظتها على بيته وفراشه، ولا يَدخل البيت من لا يَرضى دخوله، ولا تُكَلِّم من لا يَرضى تكليمه، ولا تخضع بالقول في الهاتف، ولا تكون متساهلة بحقوقه، إذا دعاها إلى حاجته أتت ولو كانت على ظهر قتب، وإذا أراد خدمتها نفعته وقامت، وتعتني بأولاده، فإن ذلك يعدل الحج، والجهاد، وسماع الحديث، والصدقة، والعلم، وكثيراً من الأعمال: (إذا المرأة -هذه بشائر للنساء دون الرجال- إذا المرأة صامت شهرها، وصلَّت فرضها، وأطاعت بعلها قيل لها: ادخلي الجنة من أيِّ أبوابها الثمانية شئت).

فهنيئاً للمرأة المسلمة! هنيئاً للأم المسلمة! ونقول أيضاً: يا معاشر الإخوان! أحسنوا معاشرة أخواتنا، أحسنوا معاشرة بناتنا، أحسنوا معاشرة أمهاتنا.

إن من الناس من عنده النظرية القائلة: المرأة كالحذاء، لا ينفعك إلا إذا دست عليها.

هذه نظرية تَخَلُّف، نظرية بذاءة، نظرية خسة ودناءة، المرأة مخلوق مكرَّم: {فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى} [آل عمران:١٩٥].

فالله سمى الأنثى: {أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى} [آل عمران:١٩٥] سورة كاملة في شأن النساء؛ لمكانتهنَّ ومنزلتهنَّ.

فيا إخواننا أيضاً: أحسنوا معاشرة الزوجات، وأكرموهنَّ، ومن اتقى الله واقتدى بسنة رسول الله أدرك قول النبي صلى الله عليه وسلم: (خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي).

اللهم صلِّ على محمد.