للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[طلب الدليل من المفتي]

السؤال

فضيلة الشيخ! نرجو إفادتنا على هذا السؤال، وهو: أنَّا نجد بعض المفتين يغضبوا عندما نطلب منهم إثبات الفتوى بالأدلة، أو عندما نورد لهم أدلة، ويقولون: إنكم من الشاذِّين، ونحن نأخذ بقول شيخ الإسلام ابن تيمية الذي ما معناه: بَيِّنوا للناس الدليل، وقول محمد بن عبد الوهاب: تعلموا دين الإسلام بالأدلة! والسؤال هو: هل الشاذ هو الذي يطلب الدليل ويورده؟! أم الذي يغضب عند طلب الدليل منه؟! وجزاك الله خيراً.

الجواب

والله يا أخي الكريم، لا شك أن الذي يغضب عند طلب الدليل جاهل، ولا يمنع إذا كان الإنسان قد حضرته الفتوى، وحضره جواب السؤال ولم يستحضر الدليل على الوجه الأكمل أن يقول: لا يحضرني الآن الدليل، وإنما أَعِدُ ببحث الدليل، أو بإحضار الدليل؛ لكن أن يغضب الإنسان عند طلب الدليل، هذا يوشك أن يقع في دين المقلدين الذين يجعلون الدين بالتقليد والتوارث عن الآباء والأجداد، إنما الدين بالأدلة.

العلم قال الله قال رسوله قال الصحابة هم أولو العرفانِ

فلا بد أن نطلب الدين بالأدلة، وإذا سُئلنا الدليل إن كان واضحاً معلوماً قدَّمناه، وإن كان غائباً بحثناه وبذلناه، وإن كنا لا ندري نقول: لا ندري، وليس في هذا حرج أبداً، ليس في هذا عيب أبداً.

رجل حجَّ من أقاصي البلاد، يريد أن يقابل مالك بن أنس، إمام دار الهجرة، فسأله عن مسائل كثيرة، فأجاب منها، وقال في ثلاث وستين مسألة، أو قريباً من هذا العدد، قال: لا أدري.

قال: أنت مالك بن أنس، إمام دار الهجرة، تُضْرَب لك آباط الإبل، أسألك فتقول في ست وثلاثين مسألة: لا أدري.

فقال الإمام مالك: أخبر الناس في اليوم الأكبر، أو في يوم الجمعة، أو في يوم عرفة، أو قال عبارة: في وقت اجتماع الناس، وتحدث في الركبان, وطُف بالبلاد، وقل: إني سألت مالكاً عن ست ثلاثين مسألة، فقال: لا أدري.

ليس عيباً أن تقول: لا أدري.